اليوم تكمل ثورة 25 يناير عامها الرابع، وهى أعظم تحرك شعبى فى تاريخ مصر، وأيضا هى أكبر ثورة غير مكتملة، لأنها لم تحقق أهدافها حتى الآن فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ولم تحدث تغييرات جذرية وعميقة فى توزيع الثروة والسلطة فى المجتمع، ولم تطور مؤسسات الدولة وأداء الشرطة والثقافة السياسية للمواطنين. ولعل فى براءة جمال وعلاء والأب مبارك فى ذكرى الثورة دلالة قوية تلخص مقولة عدم اكتمال الثورة، وتخيل معى عزيزى القارئ أن روائيا مبدعا كتب عام 2011 أن جمال وعلاء ومبارك سيحصلون على البراءة بعد أربع سنوات.. هل كنت تصدقه.. فى الأغلب ستسخر من شطط خياله.
لكن الخيال أصبح حقيقة فى دلالة رمزية لتعثر ثورتنا. والواقع أن هناك أسبابا كثيرة لعدم اكتمال ثورة يناير أهمها أن شعبيتها وعفويتها حرمتها من نعمة ونقمة أن يكون لها قيادة سواء فرد أو حزب، وبالتالى اختطفها الإخوان بدعم من السلفيين، وأفسدوها، حيث استبعدوا القوى الحقيقية التى فجرت الثورة من شباب وأحزاب وقوى سياسية مدنية، وهو ما مكن قوى الثورة المضادة فى الداخل والخارج من العمل بحرية ضد الثورة، وهنا أعتقد أن قوى الثورة المضادة ليست رجال مبارك ودولته وإنما الإخوان أنفسهم والسلفيين هم جزء أصيل من تلك القوى التى تريد استمرار الفوضى الأمنية واللا دولة وهيمنة رجال أعمال فاسدون سواء تحت شعارات رأسمالية المحاسيب والعولمة أو تحت شعارات أسلاموية. المهم أن تلك القوى تريد بقاء الفساد المحسوبية والدولة الضعيفة والانفلات الأمنى حتى يشعر أغلبية المصريين بأن الثورة كانت مصيبة بكل المقاييس، فمعدلات النمو تراجعت وانتشرت البطالة وارتفعت الأسعار ولم يعد هناك شعور بالأمن والاستقرار، والأهم شعر المصريين بالتعب وتشوقوا للأمن والاستقرار. فكان رهانهم على الجيش والرئيس السيسى لاستعادة الدولة.
رهان حياة، وهو رهان صعب لأن السيسى يواجه تركة هائلة من المشاكل المتراكمة وعليه أن يخوض معارك عديدة لتحقيق قفزة اقتصادية يمكن بها مواجهة البطالة والغلاء ومواجهة شبكات الفساد والمحسوبية وإصلاح مؤسسات الدولة والنهوض بها، وهذه المعارك تتطلب حربا قانونية وشعبية ضد رموز الثورة المضادة، والحقيقة أن هؤلاء منتشرون فى أركان الدولة وبين رجال الأعمال، وشارك بعضهم فى 30 يونيو ودعموا انتخاب السيسى لكنهم فعلوا ذلك من أجل الحفاظ على مصالحهم وطمعا فى استمرار أوضاع ما قبل ثورة 25 يناير، أى إعادة حركة التاريخ إلى الوراء، وهو أمر صعب لكنهم يعملون بكل إمكانياتهم المالية ونفوذهم المعنوى وحضورهم الطاغى فى الإعلام لتحقيق هذا الانقلاب على الثورة، وتصوير حكم السيسى على أنه امتداد لمبارك، وهو أمر اثق تماما أن الرئيس السيسى لا يريده ولا يرغب فيه، فالرجل حسم خياراته وأكد أن 25 يناير ثورة وليست نكسة أو مؤامرة كما تشيع ذلك قوى الثورة المضادة.
ومع ذلك ثمة مناسبات وأحداث ذات معانى ودلالات قوية تدعم خطاب قوى الثورة المضادة وتسىء إلى جمهورية السيسى وتوجهاته الوطنية منها التمسك بالنهج الاقتصادى لدولة مبارك والذى عبر عنه مشروع قانون الاستثمار الجديد، والإصرار على خصخصة بسكو مصر، ووجود وزراء لا يعملون من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، أو التخفيف عن معاناة اغلبية المراطنين وبالتالى لا يجدون أى حرج فى رفع أسعار بعض السلع والخدمات، أو حتى استيراد الغاز من إسرائيل، علاوة على عودة رموز الحزب الوطنى للساحة السياسية واستعدادهم لخوض الانتخابات البرلمانية اعتمادا على المال السياسى. رسالتى باختصار فى الذكرى الرابعة للثورة أن الرئيس والشعب عليهما سرعة العمل لتحقيق أهداف ثورة يناير، و30 يونيو، والمحطة الأهم فى هذا المسار هى تحجيم قوى الثورة المضادة وإلزامها بشكل قانونى وشعبى على الالتحاق بالمسيرة الوطنية، التى تقوم على استقلال القرار الوطنى والتنمية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة