د. شوقى عبدالكريم علام

خطابنا الدينى ووسائل نصرة النبى صلى الله عليه وسلم

الأحد، 25 يناير 2015 12:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكن كلمات العالم الأمريكى مايكل هارت عن النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، تمر علينا مرور الكرام قبل أن نقف أمامها بمزيد من التأمل، حيث قال عن النبى، صلى الله عليه وسلم: «إن جمع محمد بين التأثير الدينى والتأثير الدنيوى هو الذى يجعلنى أشعر أن محمدًا يستحق أن يُعتبر أعظم الأفراد تأثيرًا فى التاريخ»، مؤكدًا أنه الرجل الوحيد فى التاريخ الذى حقّق نجاحًا كبيراً فى الوجهين الدينى والدنيوى، وإن هذا الجمع بين التأثير الدينى والتأثير الدنيوى هو الذى يجعلنا نشعر أن محمدًا يستحق أن يُعتبر أعظم الأفراد تأثيرًا فى التاريخ، مما جعله يضع النبى، صلى الله عليه وسلم، على رأس قائمة المائة الأكثر تأثيرًا فى العالم.

فقد كانت أخلاق النبى، صلى الله عليه وسلم، وسماحة الدين الإسلامى سببًا فى نشر الدعوة، وسرعة انتشار الإسلام فى الأرض، وهذا ما نريد أن نبينه للمسلمين بصفة عامة، وللقائمين على الخطاب الدينى بصفة خاصة، وما نريد توصيله لهؤلاء المتطاولين على النبى، فنصرة النبى تكمن فى اتباع أخلاقه، وشهادة هارت التى تنفى عن الإسلام شبهة العنف الذى لم يكن يومًا منهجًا فى حياة النبى، تؤكد أن الأخلاق والسماحة هما من كانتا تحمل مفاتيح القلوب، وأيضًا يحمل دلالة أخرى مفادها أن الغرب ليس كله ممن يحملون تلك الأفكار الهدامة، ومن يتطاولون على المقدسات والرموز الدينية، بل يوجد من العقلاء من لا يحملهم اختلاف العقيدة من الصدع بالحق حتى لو كان مع من يخالفهم.

وواجبنا اليوم- خاصة العلماء والمسئولين عن الخطاب الدينى - ونحن بصدد الدفاع عن النبى، صلى الله عليه وسلم، من تلك الإساءات التى يطلقها بعض الصغار والأقزام، أن نبين كيف ننصر النبى صلى الله عليه وسلم؟ وما هى الوسائل التى يجب اتباعها لنصرته صلى الله عليه وسلم؟

فهناك الكثير من الوسائل التى يستطيع المسلم بها نصرة النبى، صلى الله عليه وسلم، والتى تكون على المستوى الشخصى فى التأسى بأخلاقه، صلى الله عليه وسلم، لأن أعظم نصرة للنبى تكون فى اتباع سنته والسير على منهجه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، فقد كان خلقه القرآن، وكان رحمة للعالمين، يؤدى الحقوق ويعين ذا الحاجة ويحسن الجوار وغيرها الكثير من مكارم الأخلاق.

والخطاب الدينى اليوم وهو يحاول أن يطور من آلياته ويجدد فى أدواته لابد أن يؤكد أنه قد آن الأوان لأن نعود إلى تعاليم النبى والدفاع عنه وعن سيرته العطرة بشكل عملى، وتحقيق هذين الهدفين لا يتم إلا بمعرفة النبى، صلى الله عليه وسلم، فى المقام الأول، وبتعريف الآخر بالنبى أيضًا أيًّا كان هذا الآخر، لا بد أن يعرفوا أن النبى، صلى الله عليه وسلم، كان محبًّا للخلق متواضعًا لأصحابه، وكان يحثهم على الصلاح والتقوى، وينهاهم عن الفساد والعدوان والظلم والبغى.

كما أنه كان رحيمًا بجميع الخلق فوصفه الله تعالى بصفتين من أسمائه فقال تعالى: «بالمؤمنين رءوف رحيم»، فعلى المسلمين فى كل مكان أن يبذلوا الجهد لتقديم صورة الإسلام المشرقة للعالم، بالحكمة والموعظة الحسنة والسعى لمحو أى مفاهيم مغلوطة عن هذا الدين العظيم وعن رسوله الكريم، الذى أسس دولة قامت على الحق والعدل والمساواة، ولم يكره أحدًا على دخول الإسلام، ونشر الدين فى كل بقاع الدنيا بالحكمة والموعظة الحسنة.

والخطاب الدينى لابد له من توضيح أن هذا الدين الإسلامى تتفق مبادئه التى نصت عليها الشريعة الإسلامية مع مبادئ حقوق الإنسان التى كان هدفها إعلاء قيمة الحفاظ على الإنسان من خلال الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وعلينا أن نوضح لهم كيف أن هذا الدين حفظ للمرأة حقوقها وأعلى من قدرها، أمًّا وزوجة وأختًا وبنتًا، وكيف أن الإسلام يوقر الكبير ويرحم الصغير وغيرها من الأخلاق والآداب الإسلامية، الفرصة الآن سانحة أمام المسلمين لتوضيح حقيقة الدين الإسلامى، والبحث عن وسائل نشره وتقديم صورته المتسامحة لا الإساءة إليه بسلوك عشوائى عاطفى تأثيره سلبى ومحدود.
ومن واجبنا كمسلمين تجاه رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، أن نزيل الصورة السيئة التى يحاول أولئك الأقزام أن يلصقوها بالنبى والإسلام والذين يتذرعون باسم الحرية للإساءة إلى الرموز الدينية والمعتقدات الدينية، وأن نقدم النموذج الإسلامى فى أفضل صوره وننتصر لديننا ولنبينا من خلال هذا الطرح وليس من خلال القتل وترويع الآمنين واقتحام المنشآت العامة والاعتداء عليها حتى لا نكون نهينا عن خلق وأتينا بمثله.

وعلينا ونحن نسعى لنصرة نبينا أن نطالب المنظمات الدولية باستصدار القوانين والقرارات لحماية أتباع الأديان من العدوان وعدم ازدراء الأديان بما نص عليه القانون، فنحاول بالطرق القانونية الحد من الإساءة التى تنال من الإسلام والمسلمين، فمشاعر المليار ونصف المليار لابد أن تحترم سدًّا لعدم إعطاء بعض المنتسبين للإسلام الذين يفتقدون إلى الروية وضبط النفس من الإقدام على أعمال عنف تتنافى وتعاليم الدين الإسلامى.

والخطاب الدينى مطالب بإزالة الكثير من المفاهيم الخاطئة التى يتذرع بها البعض مبررًا لنفسه انتهاك العنف وترويع الآمنين، حيث يبين لهم الفهم الصحيح بدلاً من أن يكونوا ذريعة يُحارب الإسلام من خلالها، وألا يكونوا الصورة المشوهة التى يصدِّرها الآخر للناس على أن هؤلاء هم من يمثلون الدين الذى جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم، فالإسلام حارب العنف ونهى عنه، ووضع ضوابط وأحكامًا تضبط علاقة المسلم بغيره وعلاقته حتى بنفسه، فقد كان الهدى النبوى يتمثل فى مجموعة من القيم التى أرساها النبى صلى الله عليه وسلم، والتى يأتى فى مقدمتها إشاعة الرفق فى كل شىء ونبذ العنف فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة