وصفت إحدى الصفحات شبه الرسمية للحكومة على الفيسبوك ثورة يناير 2011 (بأحداث يناير)، فى تحد صارخ لثورة ملايين ضد نظام مبارك، الأمر الذى يثير الريبة فى موقف هذه الحكومة من الشعب ونضاله ضد الطغيان والظلم. لماذا؟
لأن كل الحقائق تؤكد أن المصريين ثاروا ضد عصابة مبارك بعدما ذاقوا الأمرين من أفعالها بامتداد 30 سنة، واستطاعوا بثورتهم هذه طرده من عرين السلطة هو وأسرته التى عاثت فى الأرض فسادًا، إذ عند ليلة 11 فبراير 2011 أنجز المصريون ثورة سياسية بامتياز عندما نجحوا فى إزاحة الكابوس الجاثم على أنفاسهم من السلطة.
ما حدث بعد ذلك يعد أمرا آخر، فالثورة المكتملة تنهض على ثلاثة محاور هى سياسية واقتصادية وثقافية، وقد نجحنا فى تحقق الهدف الأول، لكننا لم ننجح فى تحقيق الهدفين الآخرين بكل أسف.
وبخصوص الاقتصاد -أى توزيع الثروة- فقد ظل الاستغلال بعد يناير كما هو قبل يناير، فالثروة تتراكم- بالقوانين المشبوهة وبالفساد المنظم- فى جيوب قلة، بينما يتمدد الفقر ويلتهم أحلام الناس فى العدل، وينضاف ملايين جدد إلى قائمة المحرومين من الحدود الدنيا للحياة الكريمة!
أما الثورة الثقافية فلم تظهر بشائرها بعد، رغم مرور أربعة أعوام كاملة على نجاح الثورة السياسية، وذلك لأنك لا يمكن أن تحقق ثورة ثقافية تقاوم الخزعبلات والخرافات وتعيد الاحترام للعقل وتعزز فضيلة التجويد وإتقان العمل.. أقول لا يمكن أن تنجح فى تحقيق هذه المهام الثقافية إلا إذا شعر الناس بأنهم بدأوا السير فعلا فى طريق العدالة، وهو ما لم يحدث بكل أسف، فمبارك وعصابة حكمه خرجوا جميعًا من السجون!
إن مشاعر الإحباط الكبير التى تعترى المصريين الآن بسبب خسارتهم لهدفين من أهداف الثورة، لا يجب أن تحول دون قراءة ما حدث من يناير حتى هذه اللحظة غير مرة لنتعلم ونستوعب الدروس، وقد استفدنا لا ريب عندما اكتشفنا غدر الإخوان وأكاذيب الجماعات المتاجرة بالدين، كما تعلمنا ألا ثورة ناجحة وكاملة بدون تنظيم الشعب فى أحزاب سياسية.
على أى حال.. كل ثورة وأنت طيب.