"اليمن".. بقعة جديدة من الصراع الطائفى والإرهاب تشعل المنطقة.. إيران تلوح بجيوش شعبية للثورة الإيرانية فى بلدان المنطقة.. وسيطرة الحوثيين على باب المندب تهدد مصر والخليج وإسرائيل

الإثنين، 26 يناير 2015 01:57 م
"اليمن".. بقعة جديدة من الصراع الطائفى والإرهاب تشعل المنطقة.. إيران تلوح بجيوش شعبية للثورة الإيرانية فى بلدان المنطقة.. وسيطرة الحوثيين على باب المندب تهدد مصر والخليج وإسرائيل مسلحون فى اليمن
كتبت إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحوثيون يسيطرون على أكثر من 8 محافظات ونفوذ القاعدة يتمدد فى أكثر من 16 محافظة.. توسع نفوذ القاعدة ينبئ بتعاون أمريكى مع إيران والحوثيين

التطورات التى تشهدها اليمن مؤخرا وتصاعد الأزمة بشكل ينبئ بدفع البلاد على حافة التفتت، يهدد بمشهد جديد يجمع بين الفوضى والعنف الطائفى فى المنطقة مع توسع نفوذ الجماعات المتطرفة، ليتكرر ما شهده الشرق الأوسط فى العراق وسوريا، فضلا عن الصراع بين الميليشيات المسلحة والحكومة المعترف بها دوليا، فى ليبيا.

ولا ينفصل المشهد اليمنى عما سبقه فأطراف الصراع الخارجى واحدة وإن كان دورها جزئى حيث لا يمكن تحميلها مسئولية الأزمة، فبينما تقف إيران معلنة بكل جرأة دعمها للحوثيين الشيعة الذين يسيطرون على مرافق الدولة تقف الدول العربية السنية، مدعومة من الغرب ووسط ترقف إسرائيلى، رافضة لتوسع نفوذ هذه المجموعة الشيعية التى ربما تمثل جزء من مشروع الهلال الشيعى، وفى الداخل يهدد هذا بصراع طائفى يسفر فى نهاية المطاف عن تعزيز نفوذ تنظيم القاعدة.

وتصاعدت الأزمة فى اليمن خلال الأيام القليلة الماضية مع سيطرة الحوثيين على القصر الرئاسى والتليفزيون، إلا أنها وصلت إلى ذروتها فى الوقت الذى بدت فيه على وشك التوصل إلى حل لها، بعدما أبدى الرئيس عبد ربه منصور هادى موافقته على مطالب الحوثيين، لكن بشكل مفاجئ تصاعدت الأمور إلى حد استقالة الرئيس هادى وحكومته بينما رفض البرلمان الاستقالة ليواجه حصار الحوثيين له، وسرعان ما تطور الأمر إلى وقوع اشتباكات وأعمال عنف بين أنصار الرئيس هادى والحوثيين.

وبدأت حركة الحوثيين نشاطها فى اليمين كجماعة دينية تدعى "الشباب المؤمن"، التى سعت لإحياء الزيدية وهى طائفة شيعية تضم نحو 30% من الشعب اليمنى، خاصة فى الشمال، وتسبب الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، فى تغذية المشاعر المعادية للأمريكان فى المنطقة، واستغل حسين الحوثى مشاعر الغضب العام لشن ثورة مسلحة ضد الرئيس السابق على عبدالله صالح، حليف أمريكا فى ذلك الوقت، وقتلت القوات الحكومية الحوثى فى 2004، لكن أتباعه واصلوا التمرد الذى بدأه ضد صالح، الذى أطيح به من السلطة بموجب إتفاق بوساطة خليجية عام 2012، ويتمتع الحوثيون بتأييد واسع بين رجال القبائل الذين عانوا من الحملات العسكرية لنظام صالح.

وواصل الحوثيون سعيهم للسيطرة من معقلهم فى صعدة بالشمال إلى الجنوب، ووجهوا ضربات للحكومة وعدوهم القديم "اتحاد حاشد القبلى"، وسيطر الحوثيون فى سبتمبر 2014، على العاصمة صنعاء بعد محاصرتها طيلة أسابيع تحت ذريعة أنهم يرغبون بحكومة جديدة وإعادة دعم الوقود. ومنذ ذلك الحين، تحكم المجموعة ما لا يقل عن 8 محافظات بما فى ذلك الحديدة، التى تضم أكبر ثانى ميناء فى البلاد، ولأسابيع، قامت بنشر مقاتليها فى المحافظة الشرقية "مأرب"، الغنية بالنفط والغاز الطبيعى. ومع ذلك، فإن وجود قبائل محلية قوية فى مأرب منع الاستحواذ الكامل عليها.

جيوش شعبية للثورة الإيرانية فى بلدان المنطقة
وأعلنت إيران دعمها منذ البداية لتحركات الحوثيين، هذا بالإضافة إلى دورها الرئيسى فى مساندة نظام الرئيس بشار الأسد عبر مشاركة "الحرس الثورى" بشكل مباشر فى القتال ضد المتمردين والجماعات الأرهابية ومن بينها تنظيم داعش، وهو نفس الدور الذى تقوم به فى العراق فى مواجهة التنظيم الإرهابى، فقبل أيام أشاد قائد قوات حرس الحدود العراقية اللواء عبد الكريم العامرى بدعم الجمهورية الإسلامية الشيعية لبلاده فى مواجهة التنظيم، مؤكدا أن داعش لم تتمكن من التواجد فى بغداد نظرا للدعم الجيد من جانب إيران والإهتمام الخاص الذى يوليه قائد الثورة الإسلامية، لكن مع ضخ إيران الكثير من قواتها العسكرية والمادية فى سوريا والعراق بالإضافة إلى شريكها الرئيسى فى لبنان "حزب الله"، باتت تواجه تهديدات العناصر الجهادية السنية بقوة، وهو التهديد الذى تخاطر بتفاقمه مع إعلان دعمها للحوثيين الشيعة فى اليمن حيث يتسع نفوذ تنظيم القاعدة الذى يزعم وجوده فى 16 من أصل 21 محافظة فى البلاد.
وكانت صحيفة ديلى بيست الأمريكية قد كشفت أواخر 2014 عن خوض إيران حربا ضد مجموعة غامضة من الجهاديين السنة البلوش على حدودها مع باكستان، حيث بات النظام الشيعى فى طهران يشعر بقلق متزايد حيال تهديد الجماعات السنية المسلحة على حدودها الشرقية مع باكستان، البلد المدعوم من الولايات المتحدة والسعودية، لكن نائب قائد الحرس الثورى الإيرانى اللواء حسين سلامى، قال صراحة، مطلع يناير الجارى، إن جيوش شعبية ترتبط بما يسمى "الثورة الإسلامية الإيرانية" توجد حاليا فى العراق وسوريا واليمن، وبالإضافة إلى ذلك قال رئيس البرلمان الإيرانى على لاريجانى أن إيران الآن قادرة على تشكيل قوة ردع قادرة على مواجهة كل أنواع التحديات.

داعش فى الشمال والقاعدة فى الجنوب
لكن توسع النفوذ الإيرانى يقابلة تهديدات من الجماعات الجهادية مما يدفع الصراع ليأخذ منحى طائفى يهدد بتكرار ما حدث فى العراق عند سيطرة مقاتلى داعش على الموصل وأجزاء واسعة من البلاد حيث أيد بعض المواطنين السنة عناصر التنظيم الجهادى فى مواجهة الحكومة الشيعية بسبب غضبهم مما تعرضوا له من مظالم.

وحذر المسئولون الغربيون والمراقبون طيلة الأسبوع الماضى من توسع نفوذ تنظيم القاعدة فى اليمن فى مواجهة النفوذ الشيعى للحوثيين، وهو ما يقلب الموازيين رأسا على عقب بعد أن كانت الولايات المتحدة تحقق تقدما فى مواجهة التنظيم الإرهابى فى شبه الجزيرة العربية عبر ضرباتها الجوية المدعومة من حكومة الرئيس عبد الربه منصور هادى. لتشتعل بقعة جديدة فى المنطقة بالإرهاب والصراع الطائفى مجددا لتحاصر دول المنطقة وخاصة الخليج بمزيد من الإرهاب، حيث داعش فى الشمال من ناحية سوريا والعراق وتنظيم القاعدة فى الجنوب وهو ما يثير مخاوق قوية للأمن القومى الخليجى والمصرى.

مضيق باب المندب
بالنسبة لدول الخليج فإن سقوط صنعاء فى يد المتمردين الشيعة يعنى إمكانية السيطرة على مضيق باب المندب مما يشكل "خطرا كبيرا"، ذلك بالإضافة إلى تأثير ذلك على مصر والسودان واريتريا وجيبوتى، فضلا عن إسرائيل التى تتضمن مصالحها فى اليمن البقاء على حرية الإبحار عبر البحر الأحمر.

ويرى تشاك فريليتش، نائب مستشار الأمن القومى السابق فى إسرائيل والزميل بجامعة هارفارد، أن إسرائيل ليس بوسعها الكثير لمنع إيران من توسيع نفوذها، كما لم تكن قادرة على منع تنظيم داعش وغيرها من الجماعات الإسلامية من السيطرة على مناطق واسعة فى سوريا. ويشير أن من الأفضل أن تكون السعودية والدول العربية المعتدلة، جنبا إلى جنب مع الفاعلين الدوليين، فى طليعة العمل على قضية اليمن، بحيث ينحصر دور إسرائيل فى أحسن الأحوال على المراقبة مع اتخاذ إجراءات دفاعية. كما يستبعد أى تعاون واسع بين الدولة اليهودية وجيرانها العرب على صعيد القضية.

تقارب إيرانى أمريكى فى مواجهة الإرهاب
لكن يثير البعض بُعدا آخر للوضع فى المنطقة، ففى سياق حملتها ضد تنظيم داعش فى العراق وسوريا، تحولت الولايات المتحدة إلى إيران، وبحسب تقرير نشره مركز القدس للشئون العامة، فإن واشنطن تعتقد أن مصالحها فى الكفاح ضد داعش تتداخل مع إيران، فكما فى الماضى، فإنها قامت بعمل طهران فى هزيمة طالبان فى 2001 وإسقاط صدام حسين وخدمة مصالح طهران على المدى الطويل فى تحقيق هيمنة الشيعة الإقليمية. ويضيف أن واشنطن تستثمر جهود محدودة وطاقة دبلوماسية الكبيرة فى هزيمة نحو 20,000 من مقاتلى داعش، وفى الوقت نفسه تعمل على تعزيز إيران ودورها فى العراق وسوريا.
ويبدو أن واشنطن تتخذ خطاً أكثر تصالحياً تجاه إيران مع تجنب إغضابها عندما يكون هناك عدوا مشتركا متمثلا فى داعش أو الإرهاب بشكل عام، وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الأربعاء، عن صدام بين إدارة الرئيس باراك أوباما والكونجرس، بشأن فرض عقوبات على إيران مع تحذيرات أوباما باستخدام حق الفيتو ضد فرض عقوبات جديدة.

وكشفت الصحيفة ذاتها فى نوفمبر الماضى، أن الرئيس أوباما خاطب المرشد الإيرانى الأعلى آية الله على خامنئى مباشرة للتأكيد على "المصالح المشتركة" بين البلدين فى مواجهة متطرفى داعش، وبحسب التفاصيل المسربة من الرسالة، التى نفاها البيت الأبيض وقتها لكن لم ينفيها مسئولون من الإدارة بعدها، فإن أوباما أكد أن التعاون بين البلدين فى مواجهة داعش مرتبط بإبرام اتفاق حول البرنامج النووى حيث تقود الولايات المتحدة المفاوضات الخاصة به مع الدول الأعضاء فى مجلس الأمن.

وبينما لم يظهر عبد الملك الحوثى، زعيم الحوثيين فى اليمن، حتى الآن عداء للسعودية كما لم يبد انحيازا لإيران مع تأكيد التزامه بمواصلة جهود مكافحة الإرهاب، فإنه ربما يتشكل نوعا من التعاون بين الحوثيين وواشنطن لكبح القاعدة قبل أن تتوسع نفوذها على حساب الصراع على السلطة فى اليمن. وبحسب الإذاعة الألمانية فإنه إذا لم يصطف الحوثى إصطفافا كاملا مع إيران فيمكن حينها لواشنطن التعايش معه، وربما هذا لا يخلو من تدخلات إيرانية مثل التعاون الأمريكى الإيرانى ضد داعش.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة