فى 25 يناير 2011 كنا جميعا نرى أن مشهد الخلاص من حكم مبارك هو الشىء الوحيد الذى يجمعنا، إخوان وليبراليين ويساريين ووسطيين، وحتى بعض أعضاء الحزب الوطنى الذى كان يحكم البلاد قبل أربع سنوات، فليس كل من انتمى للحزب الوطنى خائنا وعميلا، وأنا أعرف أعضاء بالحزب كانوا فى مقدمة من ذهبوا للتحرير فى 25 يناير 2011، ويعنى هذا أننا جميعا كنا متساويين فى الوطنية، ولم يكن أحد يتميز عن الآخر ولكن بمجرد تنحى حسنى مبارك عن الحكم فى 11 فبراير، أى بعد 18 يوما من خروج الجماهير فى كل ميادين مصر، بدأ بعض هواة اللعب فى السيرك السياسى سرقة حلم الملايين، وبدأ كل طرف يزعم أنه مفجر ثورة، بل وجدنا البعض يزعم أنه لولا وجوده فى الميدان يوم كذا الساعة كذا لانتهت الثورة وسمعنا عن بطولات وهمية لأمثال المدعو صفوت حجازى الذى لقب نفسه بلقب أبو الشهداء، وعين نفسه أمين مجلس أمناء الثورة، الأمر لم يتوقف عند صفوت حجازى، بل وجدنا شخصية أخرى زعمت أنها من الثوار ويدعى زياد العليمى، يتجاوز حدوده ويسب المشير محمد طنطاوى وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكرى، مثال ثالث على كبر من شارك فى هوجة يناير هو علاء الأسوانى هذا الدكتور استخدم كل أنواع الكبر وقلة الذوق مع الفريق أحمد شفيق عندما أخطأ شفيق ووافق على الجلوس معه فى برنامج تليفزيونى على إحدى الفضائيات.
حالات الكبر والتطاول كانت هى شعار فترة ما بعد التنحى، وصدرت من أمثال علاء الأسوانى وأحمد ماهر وأحمد دومة وأسماء محفوظ وزياد العليمى ومحمد البلتاجى وأسامة ياسين، الجميع تبارى فى استخدام ألفاظ تسىء للآخر، واعتقد هؤلاء أنهم صنعوا ثورة وأن ما حدث فى 25 يناير هى بداية التاريخ الحقيقى لمصر ووصل الأمر إلى قيام بعض هؤلاء المراهقين بسب ثورة يوليو 1952 واعتبار أنها وراء خراب مصر بالرغم من أن مصر لم تشهد ثورة حقيقية سوى ثورة يوليو وما حدث بعد ذلك مجرد هوجات ومظاهرات أطاحت بحكام ولولا وقوف الجيش إلى جانب الشعب فيما حدث فى 25 يناير أو 30 يونيو لما حدث شىء، إذن جيش مصر شريك هذا الشعب فى الإطاحة بحكم مبارك ثم الإطاحة بحكم مرسى، ولكن مراهقى يناير لهم رأى آخر، وهو أنه من الضرورى إسقاط الجيش، لهذا شاهدنا هؤلاء المراهقين يخرجون علينا منذ تنحى مبارك بشعار يسقط يسقط حكم العسكر.
هذه هى المشاهد التى تسببت فى كراهية شعب مصر لمراهقى يناير وجعلتنا نقول بصوت عالٍ أن ما حدث منذ أربع سنوات، وبالتحديد فى 25 يناير 2011 لم يكن سوى مظاهرة كبرى نجحت فى الإطاحة بحاكم ظالم، ولكن بعد الإطاحة بهذا الحاكم تجمد الجميع عند آخر مشهد له وظل يستخدم لغة الماضى فى كل حواراته ولم يقدم للبلاد سوى الدمار والخراب، ولم يجلس أحد ليحاكم نفسه ويسأل نفسه هذا السؤال الخطير الذى تسبب فى كل الكوارث التى لحقت بالبلاد، وهو لماذا تحول الشعب المصرى كله من حب واحترام من خرج فى يناير إلى كراهية واحتقار لهم؟ أتمنى أن يحاول البعض ممن يملكون عقلا من مراهقى يناير أن يجيبوا على هذا التساؤل الخطير فى الذكرى الرابعة لهوجة الشعب المصرى على حكم مبارك الظالم.