الأحد الماضى كانت الذكرى الرابعة لانتفاضة الشعب المصرى الرائعة فى 25 يناير، فهل كانت هذه الانتفاضة ثورة بالمعنى السياسى والعلمى؟ وهل تحققت المبادئ التى رفعت فى ميدان التحرير؟ الثورة تبدأ وتقوم وتفرض إرادتها الثورية عندما تتوافق الظروف الموضوعية «أى إحساس الشعب بالظلم والاستبداد والفساد المسيطر على البلاد والعباد حتى يصل هذا الإحساس إلى حالة استنفار جماعى يرفض الظلم القائم مع الإيمان بتغييره للأحسن» مع الظرف الذاتى «وهو ذلك التنظيم الثورى المدرك لإرادة الشعب وتوقه للتغيير مع إدراك الواقع فيكون لديه أجندة ثورية لتغييره إلى الأحسن والأفضل فى جميع مناحى الحياة تغييرا جذريا من خلال الوصول إلى السلطة» فإذا وصل هذا التنظيم للسلطة ولم يغير شيئا فهذا انقلاب على السلطة، وإذا تم التغيير للأسوأ كان ثورة مضادة، أما إذا تم التغيير الجذرى للأحسن والأفضل فتلك هى الثورة، فماذا كان فى 25 يناير؟ خرج الشعب المصرى إلى ميدان التحرير رافضاً ممارسة سلطة مبارك التى وصلت إلى ذروتها فى تزوير انتخابات 2010 مع الممارسات القمعية للدولة الأمنية لم يكن واردا فى خلد أحد إسقاط النظام ولكن تداعيات الموقف وانحياز الجيش فى 28 يناير صعد الحراك وسقط مبارك نتيجة لاستمرارية وصمود هذه الانتفاضة الشعبية التى كانت تعبر عن الظرف الموضوعى، ولكن لغياب التنظيم والأجندة الثورية والقيادة الحقيقية غاب البديل الثورى وظهرت الانتهازية نتيجة لغياب الأحزاب الحقيقية المرتبطة بالجماهير، ولوجود نخبة انتهازية لا يعنيها غير مصالحها الذاتية، فتم اختطاف الهبة الرائعة وبدلا من تحويلها إلى ثورة تم تحويلها إلى ثورة مضادة لا تسعى لغير اختطاف الوطن وأخونته ومسخ هويته لصالح جماعة الإخوان. وهنا توقف مسار الانتفاضة وتحولت إلى ثورة مضادة فكانت انتفاضة 30 يونيو التى فاقت التصور والحدود رفضاً لاختطاف هبة يناير فسقط نظام الإخوان وظلت مبادئ الثورة «حرية- كرامة إنسانية- عدالة اجتماعية» تنتظر التطبيق العملى على أرض الواقع، وهنا كان الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية فكان الدستور ثم انتخابات الرئاسة ونحن فى انتظار انتخابات البرلمان، وكان هذا ولا يزال فى ظل ظروف استثنائية غير عادية يمر بها الوطن، فالإرهاب والجماعة لا هم لهم غير إسقاط الدولة وإفشالها، وذلك بمساندة دول كانت هبة يونيو قد أفشلت كل مخططاتها، مع وجود مشاكل اقتصادية متراكمة منذ عقود، مع وجود فساد تحول من فساد دولة إلى دولة فساد وهذا فى ظل مؤسسات لم تتغير ولم تشعر بأن هناك تغييرا قد حدث. فهل تحقيق الثورة وتطبيق أهدافها فى ظل هذه الظروف يعنى إطلاق ما يسمى بالثورة مستمرة وإطلاق مظاهرات دون التزام بالقانون لاستعادة الفوضى والانفلات الأمنى وإعطاء الفرصة لمن يريدون هدم الوطن وإفشاله؟ وهل تحقيق الثورة يعنى رفض الواقع وما يحدث من استعادة لهيبة الدولة وتعويقها عن محاربة الإرهاب؟ نعم من حق الجميع حرية الرأى وحق التعبير، ولكن فى إطار رفض السلبيات وتعزيز الإيجابيات مع القناعة ببناء الوطن. وهل تحقيق الثورة يعنى تقمص دور المعارضة للمعارضة دون وعى والرفض دون إدراك وترديد شعارات جوفاء «يسقط حكم العسكر»؟ الثورة، وفى ظل الظروف الآنية، هى التوافق الوطنى والتجمع المصرى، هى العمل والعرق والإنتاج ومحاربة الفساد، هى الإصلاح الحقيقى وإعلاء القانون، هى تحقيق العدالة الاجتماعية والتوافق المرحلى حتى نخرج من عنق الزجاجة ونبنى مصر لكل المصريين.