لا يشعر بالسكينة من يزعج «توت».. و«توت» فرعون عابر، خلدته ظروف موته، ومحتويات قبره كما لم تفعل سنوات حياته القصيرة، لذا تجب النصيحة، لا تعبث بمحتويات قبر الملك «توت عنخ آمون»، فلم يسلم من فعلها قبلك!
فى العام 1922 دخلوا مقبرة «توت عنخ آمون»، وكان أول ما استقبلهم فيها نقش فرعونى يقول: «سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك»، فما بالكم بمن يسىء ويشوه وجه الملك، ما بالكم بمن يكسر ذقنه، ومن يداويها كما يداوى السباك حنفية مياه فى مرحاض عام، ومن يكذب ويزور فى محاولة لطمس معالم الجريمة.
السيد وزير الآثار، السيد مدير المتحف المصرى، السيد رئيس الحكومة، أهلا بكم فى أرض اللعنات، حيث يدون التاريخ أسماء حضراتكم كمشرفين ومسؤولين عن إدارة أكبر مهزلة فى تاريخ الآثار المصرية، مهزلة «دقن توت»، ومن يقرب ذقن توت لا تفارقه لعنات الزمن، ولا يبيض وجهه أبدا فى صفحات كتب التاريخ.
- فى شهر أكتوبر الماضى تقدم مجموعة من المرممين الأثريين المصريين بمذكرة لمدير عام المتحف المصرى، محمود الحلوجى، قالوا فيها إن هناك مادة لاصقة تظهر بشكل ملحوظ ومبالغ فيه حول لحية قناع الملك توت، وتشوه مظهره الخارجى، ولكن مدير المتحف وضع المذكرة فى الدرج وكأنهم كانوا يطلبون منه إصلاح باب الحمام.
- نامت الفضيحة فى أدراج مدير المتحف، حتى فضحه المولى ونشرت وسائل الإعلام العالمية صور الكارثة وسخر كل خبراء الآثار من مصر وعدم حفاظها على آثارها وقال بعضهم إننا لا نستحقها.
- السيد مدير المتحف انتفض الدم المصرى فى عروقه وقرر الرد على كل هذه السخافات وقال: «أكاذيب» ثم انتظر منه الناس الحقيقة، فقال مسخا منها ويا ليته ما قال: قناع الملك توت عنخ آمون «بخير»، ولم يتعرض لأى أعمال ترميم وموقع إخوانى هو سبب نشر الشائعة بعد تصوير المادة اللاصقة «الأيبوكسى» مستغلا انعكاس الضوء على جسد القناع للإيحاء أنه دُمِر تمامًا.
- السيد ممدوح الدماطى وزير الآثار سار على نفس منوال مدير متحفه، وكذب صور القناع قبل وبعد الترميم وقال إن الصور التى تنشرها الصحافة « فوتوشوب».
- السيد أحمد شرف، رئيس قطاع المتاحف بالوزارة، كان مختلفا عن وزيره وعن مدير المتحف المصرى وقال: «أنا مقدرش أقول تصريحات حول تلف القناع إلا بعد انتهاء اللجنة من عملها، وتقديم التقرير عن حالة القناع».
الوضع الآن يحتاج إلى قنبلة نووية لتطهير العالم من هذه الجينات المصرية الفاسدة والمهملة، التى تتعامل بكل كذب واستهتار مع أهم أثر مصرى على الإطلاق، لدرجة تدفع 4 مسؤولين فى وزارة واحدة أن يقول كل منهم قولا غير الآخر، وفى الأمثال الشعبية علمونا أنهم لا يرون اللصوص وقت السرقة، ولكنهم يرونهم بدقة وقت «خناقة» الحساب، وها نحن نرى أمامنا مجموعة من المسؤولين غابوا وقت الكارثة، ولكنهم يفضحونها وقت محاولة طمس معالمها ونفيها.
تسأل أنت الآن: نصدق من؟ صدق عيونك التى شاهدت صورا قديمة لقناع الملك توت عنخ آمون ولم يكن مصابا فى ذقنه، ولم يكن قد تعرض للإهانة على يد سباكى وزارة الآثار، ثم توقف قليلا وأنت تتأمل هذه الصور لنتدبر معا تصريحا جديدا صادرا من وزارة الآثار على لسان الدكتور نور عبدالصمد، رئيس إدارة التوثيق الأثرى بالوزارة، والذى ذهب بعيدا عن فكرة فساد الترميم من عدمه، وفجر لنا قنبلة استهتار واستهبال جديدة بقوله: إن القناع الموجود للملك توت فى المتحف المصرى قناع مزيف، وربما لا يكون هو القناع الأصلى، لأن بعض الروايات لديه تقول إن القناع الأصلى سرق فى أحداث الثورة.
وفى تلك اللحظة المجيدة لا يسعك إلا أن تستعير صوت الفنان مظهر أبوالنجا فى أشهر أدواره وتصرخ قائلا: يا حلاوة.. مستغيثا برئيس الجمهورية لكى يتدخل لإنقاذ قناع توت قبل أن تحل لعنته علينا، وقبل أن يلفظنا التاريخ خارج دفاتره المحترمة.