ما حدث فى الاحتفالات بذكرى ثورة 25 يناير من أفعال طائشة وتصرفات تعكس جهل وغباء من تبقى من أعضاء تلك الجماعة الإرهابية، ليس له أى تفسير إلا أنها مجرد محاولة فاشلة لإطفاء فرحة المصريين بثورتهم التى استطاعت فى حينها أن تقلب التوازنات الدولية رأسا على عقب، وأن تغير من جغرافية السياسة العالمية بالكامل، بل استطاعت أيضا أن تزيل حاجز الخوف من قوى الاستبداد والظلم.
نعم ليس هناك أى مبرر لما قامت به تلك الجماعة الإرهابية ومن يوالونها يوم الأحد الماضى إلا أنها خطوة أخرى لهم قد باءت بالفشل لتضاف إلى خطواتهم السابقة التى كانوا يستهدفون من ورائها ترويع الآمنين من خلال أعمال عنف وشغب لافتعال حالة من الغضب يصدرونها إلى العالم الخارجى لتشويه ما يتم الآن على أرض مصر وهى فى حقيقة الأمر مجرد خيالات، لا وجود لها على ارض الواقع، لأن الشعب المصرى الأصيل يلفظ ما تبقى من تلك الجماعة ويرفض هذه التصرفات «الإرهابية»، بل يتصدى لها جنبا إلى جنب مع رجال الشرطة الذين تصدوا للمحاولات الإرهابية بيقظة وتعاملوا مع الأمر بهدوء تام وكانوا فى قمة التعامل بضبط النفس دون الانسياق إلى ما كان أصحاب تلك المظاهرات يسعون إليه، فقد فطنت أجهزة الأمن مبكرا إلى خطة الجماعة المحظورة التى تركز على استفزاز الأمن بكل السبل لجرهم إلى استعمال العنف وهو ما لم يحدث على الإطلاق بل استخدمت الشرطة للوسائل المتعارف عليها دوليا فى التعامل مع هذا النوع من المتظاهرين.
وهنا لى ملحوظة أود الإشارة اليها وهى أن أجهزة الشرطة فى جميع أنحاء العالم بما فيها الدول التى تتشدق بما يسمى بحقوق الإنسان تتعامل بكل عنف وقسوه حينما يتعلق الأمر بأمنها القومى، وليس أدل على ذلك إلا قول ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا دولة الحريات فى العالم: «حينما يتعلق الأمر بالأمن القومى لبريطانيا، فلا تسألونى عن حقوق الإنسان» وذلك فى إشارة منه إلى أنه من حق قوات الشرطة التعامل بكل عنف وقسوة لفض المظاهرات التى تنحرف عن سلميتها أو التى تتسبب فى إرباك الشارع وترويع الآمنين.
ها هو العالم يتعامل بكل قسوة فى فض المظاهرات، فأين نحن مما يحدث من حولنا؟.. هل سألنا أنفسنا لماذا تتعامل الشرطة بهذا الهدوء مع هؤلاء القتلة الذين لم يكتفوا بإطفاء فرحة الناس بثورتهم بل قاموا بترويع الآمنين فى كل مكان بتنفيذ بعض العمليات الإرهابية؟.. الإجابة بالطبع ستكون أننا لدينا جهاز شرطة يحاول بشتى الطرق العودة إلى حضن الشعب.. وأن يصحح المسار الذى انحرف كثيرا فى أعقاب ثورة يناير، وما صاحبها من انفلات أمنى وتجاوز كبير فى حق الشرطة.
وعلى الرغم من أن العمليات التى نفذتها الجماعة الإرهابية وأعوانها من الحركات السياسية التى لا وجود لها فى الشارع كانت مجرد عمليات محدود ولم ولن تؤثر فى مسيرتنا نحو التنمية والنهضة وعودة مصر القوية التى تتشكل ملامحها الآن على يد الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى يعمل ليل نهار من أجل الخروج بالمجتمع من النفق المظلم الذى أدخلنا فيه نظام الإخوان المستبد الذى ظل جاثما على صدورنا لمدة عام كامل., إلا أننى أرى ضرورة التعامل بكل حزم مع تلك التصرفات التى أقل ما يمكن أن توصف به أنها «خيانة» للبلد والتى تنفذها أياد قذرة تتحرك بالريموت كنترول من الخارج من أجل الحصول على المال الذى يسيل منه دم الأبرياء من أبناء هذا الشعب الطيب.
فما ذنب كل هؤلاء الذين قتلوا فى تظاهرات 25 يناير سواء كانوا من مواطنين أو من جنود وضباط لم يرتكبوا ذنباً إلا أنهم يؤدون واجبهم فى حماية المنشآت والأرواح.. ما ذنب المواطنين الذيت تعطلت مصالحهم وهم يعانون من توقف حركة القطارات سواء فى الوجه البحرى أو القبلى بسبب حالة الذعر من وجود بعد الأجسام الغريبة والعبوات بدائية الصنع؟.. ماذنب الأبرياء الذين كانوا يسيرون فى الشوارع وسط دوى أصوات انفجار بعض العبوات الناسفة أو سماع أصوات صواريخ الألعاب النارية التى يقومون بتفجيرها بشكل «هستيرى» يصيب الناس بحالة من الخوف ويدخل فى القلوب الرعب؟
أعتقد أنه قد آن الأوان لأن تقوم أجهزة الدولة بالضرب بيد من حديد على هؤلاء القتلة الذين أشاعوا الفوضى فى يوم كنا أحوج ما نكون فيه إلى الشعور بالفخر والزهو لأنه يحمل فى طياته ذكرى ثورة 25 يناير التى ستظل الأجيال تفخر بها وبما حققته من نقلة تاريخية لمصر وللمنطقة العربية أيضا.
لقد قامت الثورة ولم يكن للإخوان أى دور فيها ولكن ما إن بدأت تتشكل ملامح نجاحها آنذاك حتى فوجئنا بنزول الإخوان إلى الميادين والقيام بسرقة الثورة من أصحابها الحقيقيين.. ولم يكتفوا بذلك بل أعطوها صبغة دموية بارتكابهم الكثير من أعمال الشغب والعنف الذى لطخ ثوب الثورة الأبيض وأسال الدماء هنا وهناك فى محاولة منهم لجر رجل نظام مبارك فى تهمة القتل التى برأتها المحكمة فيما بعد.
والآن، وبعد مرور 4 سنوات، وبعد أن فقدوا السلطة والحكم وعادوا إلى السجون التى أتوا منها.. هاهم الآن يعودون ليشوهوا الثورة بارتكاب تلك الأعمال القذرة فى ذكرى الثورة ويحتفلون بها بالنار والخرطوش وبالبلطجة أيضا، ولكن وبكل تأكيد فإنه لن تنطلى على أحد تلك العمليات «الخائبة» التى حاولوا عن طريقها تشويه صورة رجال الشرطة وتصوير المسألة على أنها حرب بين الشرطة والمتظاهرين، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بارتكاب جرائم قتل للمتظاهرين فى محاولة منهم لإلصاق التهمة برجال الشرطة، وهو ما كان يمكن أن يؤثر سلبا على صورة الشرطة لو لم تكن هناك صور وفيديوهات تسجل لحظات القتل وهم يرتكبون أفعالهم المشينة التى أظهرت للجميع كم هم يقومون بأحط الأفعال وأقذرها على الإطلاق من أجل الحصول على ما يسعون إليه من مكتسبات حتى لو كانت على جثث الأبرياء الذين هم بالفعل متظاهرون سلميون.
إننا أمام جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. جريمة فى حق مجتمع بالكامل.. جريمة مكتملة الأركان ما يزال مرتكبوها يعيثون فى الأرض فسادا وما يزال بعضهم يبث سمومه بين البسطاء من خلال العديد من الوسائل.. فإلى متى يظل هذا الوضع المقلوب سائدا وإلى متى تترك لهم الدولة الحبل على الغارب؟ أليس ما حدث فى ذكرى 25 يناير دليلا قاطعا على أنهم لا يستحقون العيش بيننا بعد اليوم، ألم يكن هذا مؤشرا قويا على أن استقواءهم بالخارج مايزال يدفعهم إلى ارتكاب تلك الأعمال التى تثير الرعب بين الناس الأبرياء.
كلما شاهدت صورا لضحايا العمليات الإرهابية التى تمت فى ذكرى 25 يناير يعتصر قلبى ألما وحزنا على هؤلاء الضحايا سواء كانوا من المدنيين أو من رجال الشرطة.. إننا جميعا سنكون شركاء فى هذا الذنب لو لم يتم القصاص من القتلة وسافكى الدماء ومثيرى الشغب.. نعم سيكون كل الشعب مذنبا فى حق الأبرياء لو لم يقم الكل بواجبه ويساند الشرطة فى التصدى لأى عمليات إرهابية، فحينما نتحد جميعا ونقف فى وجه هؤلاء القتلة ستكون فى هذا الأمر نهايتهم، لأنهم بكل المقاييس هم قلة قليلة لا قيمة لهم حينما نكون جميعا يدا واحدة شعبا وشرطة فى مواجهة عدو واحد وهم شياطين الإنس الذين هم أشد خطرا علينا من شياطين الجن.