صاحبنا ضحية لسوق مواقع التواصل والفضائيات، كانت أخبار المواجهات والقنابل التى تعثر عليها الشرطة، بعضها ينفجر فى قطار أو شارع، أو يتم إبطاله، ومواجهات تقول الشرطة إن المتظاهرين ليسوا سلميين، يطلقون الرصاص.
كان متابعًا لفيس بوك وتويتر، لايرفع عينيه من على الآى باد أو الآيفون، مولعًا بمتابعة القنوات التركية للإخوان، يقول «تقدم تسريبات» مسلية تكسر الملل، حتى لو كانت تصيبه ببعض الاكتئاب، واعترف أنه يهرب إليها من الفضائيات والتوك شو المحلى الممل الذى لا يتجاوز إما الشتم والتحريض أو العفاريت والأشباح.
وكان كغيره من سكان العالم الافتراضى، خلال ساعات كان قد «شير» و«لايك» و«ريتويت» لعشرات المقولات حول الدم والشهداء، وعدم تحقيق أى تقدم، وباقى سلسة كلام النشطاء، وزاد الأمر سوءًا مقتل شيماء الصباغ فى مظاهرة وسط البلد، وعدم تقديم قاتلها للعدالة، تعرض لكم من البوستات والمقالات من نوعية «العار لنا جميعا.. أين نحن.. كلنا فاسدون.. ماهذا الذى.. الثورة.. المسؤولية الدم والغضب.. خزاعة!»، مع صور لأحمد زكى فى « البرىء» أو «ضد الحكومة»، ومشاهد من ثورة يناير، كلها جعلته باعترافه يتسمم ويكتئب.
فى بداية المظاهرات والانفجارات رفض تصديق الموضوع، وظل يقول: «نعرف منين أن اللى بيحرقوا وبيحطوا القنابل دول من الإخوان، مش يمكن الأمن ورا كل هذه الدوشة حتى يبرر الضرب».
يعترف أنه بدأ يتابع مواقع منسوبة للجماعة، يؤكدون فيها مسؤوليتهم عن القنابل وحرق المنشآت، وينصبون الأفراح لحرق مطعم أو شركة اتصالات أو سنترال، بل يعلنون مسؤوليتهم، ويؤكدون استمرار الحرق والقتل والتفجير، وينشرون أسماء ضباط، ويقيمون الفرح فى مقتل جنود. فى البداية، شك فى أن تكون هذه المواقع منسوبة للجماعة، وانتقل إلى قنوات تركيا للتسريبات، فوجد المحللين والمذيعين يواصلون التحريض على الحرق والقتل، ويعلنون أن الشرطة انسحبت والبلد سقط وخرب، والمذيعون والمحللون يصرخون بفرح، وينشرون مشاهد وصور يقولون إنها من مصر بعد نزول الجيش، بل ومذيع يصرخ لقتل الضباط والجنود، ويحتفى مع محلليه بخطف وقتل ضابط فى سيناء.
صاحبنا كان تجول فى القاهرة شرقًا وغربًا، وتابع مع أقاربه فى المحافظات، لم ير مظاهرات، فقط أخبار عن عشرات فى مناطق متفرقة معينة هى نفسها كل أسبوع وتم تفريقها، والحياة عادية تمامًا.
كان مندهشًا وهو يرى نشطاء يدافعون عن العنف، ويلصقونه بالشرطة، بينما مواقع الجماعة وقنواتها فى تركيا تعلن مسؤوليتها وتتفاخر وتحرض، والنشطاء يبررون ويصبون كلاشيهات محفوظة، ومنهم من يبرر العنف ويقول كنت أتنقل من شاشة الآى باد إلى شاشة الفضائيات، ويضرب كفًا بكف ويقول: خزاعة!