يقرر الله سبحانه وتعالى فى قرآنه الحكيم: "إن الله وملائكته يصلون على النبى يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"، فالله الذات المقدسة سبحانه وتعالى يصلى على سيدنا محمد، وكذلك تفعل ملائكته، مؤكدة قدسية الصلاة على النبى، ثم يأمر المؤمنين جميعا دون استثناء أن يقوموا بما يفعله هو سبحانه، وبما تفعله الملائكة المخلقون من النور كذلك.
هذا لأنه النبى والإنسان الأول "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين".. والإنسان الكامل والنبى الخاتم "يأيها النبى إنا أرسلناك شاهدنا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا"، وهو الرحمة الربانية للخلق أجمعين "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. وطاعته واجبة: "من يطع الرسول فقد أطاع الله"، وقال أيضا رب العزة سبحانه وتعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا".
وولد عليه الصلاة والسلام فى عام الفيل، العام الذى دحرت فيه غطرسة الكفر والظلام، وهذه كانت بشرى خير وعلامة على بداية تراجع الكفر وميلاد النور فى مكة المشرفة، حيث البيت العتيق.. ورغم أنه كان يتيم الأم والأب إلا أنه كان محبوبا لجمال وجهه ووداعته، وللبركة التى كانت تحل فى المكان، الذى ينزل فيه، وللحب الذى وضعه الله فى القلوب له).
ومن بين إرهاصات النبوة أن نار المجوس انطفأت وسقوط إيوان كسرى.. فى شبابه لم يعرف النبى الخمر أو المجون لقد كان طاهرا فى كل فعل وكان صادق القول، أمينا حتى أن أهل مكة لقبوه بالأمين، رغم أنه لم يسجد لصنم من أصنام مكة، وأكل النبى عليه الصلاة والسلام من عمل يده فرعى الغنم واشتغل بالتجارة ولحسن سمعته وأخلاقه عمل عند السيدة خديجة رضى الله عنها ثم تزوجها.
فى سن الأربعين نزل عليه فى غار حراء سيدنا جبريل عليه السلام بسورة "اقرأ" وعرف النبى عليه الصلاة والسلام بعد ذلك بأنه الناموس الأعظم، الذى ينزل بأمر السماء إلى الأنبياء، ثم أمر بتبليغ الرسالة الخاتمة.. وكانت الدعوة فى البداية سرية فآمنت السيدة خديجة بالرسالة، ثم أسلم الإمام على بن أبو طالب رضى الله عنه، ثم أسلم سيدنا أبو بكر رضى الله عنه، ثم تبعهم بقية الأوائل من الصحابة.. ثم شنت قريش التى كانت تخشى ضياع نفوذها حربها على المسلمين، وأمعنت فى تعذيبهم بكل السبل بما فى ذلك الحصار الاقتصادى.
ثم جاء الإذن بالهجرة، وطلع البدر على يثرب لتصبح المدينة المنورة، وشيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مسجد فى الإسلام، وبدأ تشييد الدولة الإسلامية التى سيكتب الله لها النصر بقيادة النبى الخاتم.
قال الشيخ الأكبر سيدى محيى الدين بن عربى، رضى الله عنه، فى الآية "وكل شىء أحصيناه فى إمام مبين"، إن الإمام المبين هو سيدنا محمد النبى الخاتم، وأن الله وضع فيه كل العلوم الظاهرة والباطنة وأعطاه الحكمة وجوامع الكلم وأعطاه الشفاعة الكبرى وأعطاه الإسراء والمعراج وجاد عليه بقاب قوسين أو أدنى وبالمقام المحمود وبلقب حبيب الله.. عليك الصلاة والسلام يا حبيب الله ورحمة الله وبركاته.