سيقولون رحل عام 2014 وإنه كان عامًا سيئًا، وهم من قالوا عن كل الأعوام السابقة إنها كانت سيئة، وإنها كان يجب أن ترحل، مع أنه لا فواصل تعلن هنا نهاية عام وبداية آخر، الزمن متصل والتقسيمات وهمية يضعها البشر، ولا توجد أزمنة سيئة وأخرى جيدة، لكن توجد ناس طيبة وناس سيئة، وناس تافهة وناس انتهازية، لا يتغيرون بين يوم وليلة، أو مع سنة جديدة، ومن اعتادوا الشكوى ونشر التشاؤم، لم يتغيروا طوال العام، والذين ينشغلون بمراقبة غيرهم يبقون عند رد الفعل فى كآبتهم يعيشون.
وعلى كل الأحوال، فإن أبرز ما عشناه العام الماضى كان المفارقات، فنحن نجمع بين أحدث الأدوات فى التكنولوجيا، والتواصل مع أكثر الأفكار تخلفًا ودموية، داعش مع يوتيوب، والعفاريت مع كاميرات الديجيتال «والإتش دى HD».
مفارقة أن تجمع «داعش» بين الدعوة لإعادة الماضى، وتستخدم أدوات المستقبل من تكنولوجيا وإنترنت وفيس بوك ويوتيوب وتويتر, ونرى داعشيًا صغيرًا مع فرس وسيف مع صور سيلفى، وجودة عالية لصفحاته على فيس بوك، بل ويبدو الداعشيون سعداء وهم ينافسون نجوم السينما والسياسة والكرة، بل إن داعش نشرت فيديوهات وأعضاؤها يلعبون الكرة برؤوس مقطوعة، وهى فيديوهات نافست كثيرًا، بل تفوقت على فيديوهات أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، الذى كانت كلماته المتلفزة تحظى بمشاهدة عالية، لكنها تراجعت أمام نجومية داعش ودمويتها الكاسحة التى تخطت حدود هوليوود وأفلام الرعب والزومبى ومصاصى الدماء.
والداعشية ليست فقط فى الإرهاب، لكن العقلية الازدواجية التى تضع الخرافة مع العلم فى قالب واحد، وتزدحم مواقع التواصل والفضائيات بعقلية «داعشية ترفيهية»، ونقصد برامج ومذيعين ومذيعات يبذلون كل جهودهم من أجل الانفراد بحدث مع عفريت، أو البرهنة على أن الجن يركب البنى آدم ويلبسه، ويرفضون أى تشكيك أو تفسيرات طبية أو نفسيه. وبالمناسبة على يوتيوب ومواقع التواصل من ينشر فيديوهات وصورًا على أنها لأشباح وعفاريت وتفوق هؤلاء على زملائنا المعفرتين.
ولعل بقاء داعش والعفاريت معنا العام الجديد بكل ثقة، ما يشير إلى أنه لا فرق كبيرًا بين العام الماضى والجديد، وربما يطلع علينا نجوم العفاريت ليبرهنوا على نظرياتهم بنشر حوارات وأفلام «إتش دى» لعفاريت، أو ليقدموا لنا خطوط إنتاج للجن الرخيص مع تخفيضات، وقد نجد عروضًا «احصل على عفريت والثانى مجانًا».. صحيح لم نرَ أحد العفاريت مباشرة، لكن ربما ينجح محترفو علوم العفرتة فى إنتاج العفاريت بتكنولوجيا «ثرى دى» لينافس «داعش HD»، ومازال الماضى مستمرًا.