حينما نتحدث عن المصداقية والشفافية فإننا لابد أن نذكر على الفور اسم الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، فهو وإن كان قليل الظهور إعلاميا، إلا أنه لم يصرح بشىء إلا بما فى استطاعته تنفيذه، ولا يخطو خطوة نحو أى مشروع يتعلق بالإسكان لو لم يكن يمتلك من الأدوات والإمكانات ما تجعله قادرا بالفعل على أن يدخل حيز التنفيذ فى التوقيت المحدد له ووفق برامج زمنية يتم وضعها بعناية فائقة.
لم يكن هناك أى ترتيب فى ذهنى أو نية مسبقة لكتابة هذا المقال عن الدكتور مصطفى مدبولى، ولكن ما لمسته بنفسى مؤخرا فى مشروع الإسكان المتوسط «دار مصر» الذى حظى بهجوم وانتقادات لاذعة لم نرها من قبل فى أى مشروع إسكانى آخر قد شجعنى على هذا الأمر.. فتارة تخرج علينا أصوات غاضبة من ارتفاع أسعار الوحدات السكنية فى المشروع تحت دعوى أنها مشابهة لما هو قائم بالفعل فى القطاع الخاص، حيث إن أسعار الإسكان فى القطاع الخاصى يتسم فى كثير من الأحيان بارتفاع الأسعار، وتارة أخرى تظهر أمامنا أصوات تشكك فى وجود هذا المشروع من الأساس ويعتبره ضربا من الخيال أو أنه نوع من «المسكنات» التى دأبت عليها الحكومات المتعاقبة منذ عدة سنوات، والمواطن له كل العذر فى تلك «اللخبطة» والحيرة التى يكون عليها من جراء تلك المحاولات المسمومة التى تحاول بشتى الطرق «الشوشرة» على كل مشروع ناجح يتم تنفيذه الآن فكلنا على يقين من أن نجاح الدولة المصرية فى أى مشروع يقام الآن يزعج الكثيرين، سواء كانوا فى الداخل او فى الخارج.
وحينما يكون الحديث عن مشروع الإسكان المتوسط فإن الأمر مختلف تماماً عن تلك الصورة المغلوطة التى حاول البعض إلصاقها به.. فالمشروع قد تم الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بمرحلته الأولى، ومن المقرر إجراء القرعة العلنية لـ41 ألفا و564 حاجزا فى المشروع حتى الآن، حيث سيتم إجراء القرعة، عقب الانتهاء من تسجيل بيانات المتقدمين بالكامل لكل مدينة خلال النصف الثانى من يناير الجارى.. كما أنه من المقرر أيضاً أن يتم الإعلان عن المرحلة الثانية خلال مارس المقبل.
أليس الإقبال وعلى هذا النحو اللافت للنظر يدعو للتساؤل حول أغراض هؤلاء المشككين فى المشروع، أليس هذا دليلاً على أن الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان لم يقل شيئا خياليا حينما صرح لأول مرة حول المشروع وأنه لم يقدم فكرة مغايرة للواقع، أعتقد ان هذا الهجوم على المشروع لو كان كما ادعى البعض بسبب ارتفاع الأسعار ما كنا وجدنا هذا الكم الهائل من المتقدمين للحجز فى المشروع الذى سيغير وجه الإسكان الحكومى فى مصر، خاصة لفئة متوسطى الدخل، فأسعار الوحدات السكنية تقل عما يماثلها فى مشروعات القطاع الخاص بـ %30 كاملة.علما أنه سيتم تسليمه كامل المرافق والخدمات، خلال 18 شهرا فقط، وهو ما لا يحدث فى أى مشروع مماثل يتم تنفيذه بهذا الحجم.
لقد علمت من الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان أنه لم يتوقف الأمر عن الحرص على تنفيذ المشروع فى المواعيد المحددة له، وحسب بل إنه بذل قصارى جهده من أجل الحصول على تيسيرات فى السداد من أجل تخفيف العبء عن الحاجزين الذين هم يمثلون الفئات الأكثر احتياجا إلى هذا النوع من الإسكان المتوسط فقد نحج الوزير فى أن يكون أسلوب السداد الجديد فى متناول الجميع ليتم سداد %10 كدفعة حجز، ومثلها كدفعة تعاقد، و بعد دفعة التعاقد سيتم سداد دفعات ربع سنوية، وذلك فى العام الأول تقدر بـ7500 جنيه للوحدات الصغيرة، و10 آلاف جنيه للوحدات الكبيرة وبالنسبة للوحدات بمساحتى 100 و115 مترا، سيتم سداد 7500 جنيه دفعة ربع سنوية بإجمالى 30 ألف جنيه سنويا، وللوحدات ذات مساحات 130 و140 و150 مترا، سيتم سداد 10 آلاف جنيه دفعة ربع سنوية بإجمالى 40 ألف جنيه.. وبعد انتهاء العام الأول سيتم سداد المبلغ المتبقى بطريقين وفقا لرغبات الحاجزين، الأول عن طريق السداد عن طريق التمويل العقارى، والثانى عن طريق السداد على 16 دفعة ربع سنوية دون فوائد مباشرة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
أليس هذا الأمر يعنى أننا أمام مشروع قومى يلمسه الجميع وليس مجرد أوهام كما كان يرى البعض، أكاد أجزم بأن هذا المشروع وحده كاف للتأكيد وبشكل لا يدع مجالاً للشك أننا أمام وزير أقوال وأفعال فى آن واحد.. وزير يحسب بعناية فائقة كل كلمة يقولها حينما يتعلق الأمر بآمال وطموحات المواطنين الباحثين عن مسكن يليق باحترام آدميتهم.. مسكن مناسب توفره لهم الدولة حسب إمكاناتهم المادية وسط ظروف اقتصادية طاحنة مر بها المجتمع على مدى السنوات الأربع الماضية خلفت وراءها معاناة وضغوطا طالت الجميع، لذا فمن المنطقى ومن البديهى أن تحرص الدولة على تقديم الإسكان المناسب لكل الفئات، وعلى وجه الخصوص حسب الإمكانات المتاحة لأصحاب الدخل المحدود.
الدكتور مصطفى مدبولى.. نموذج مختلف من الوزراء فهو من القلائل الذين لم تشغلهم مشروعاتهم الآنية التى يقومون بتنفيذها فى الوقت و تأخذ النصيب الأكبر من الإهتمام والمتابعة والسعى فى كل الاتجاهات من أجل تحويل الأفكار إلى واقع يلمسه الجميع، فهو فى نفس الوقت لا ينظر تحت قدميه ونجده دائم النظر إلى ما هو أبعد من ذلك وهذا حسب قوله لأن الوزارة انتهت من مخطط تنمية مصر ليستمر حتى عام 2052، وهذه أول مرة تمتلك فيها مصر مخططا تنمويا يستمر تنفيذه لـ40 عامًا مقبلة. وهذا المخطط التنموى يستهدف تطوير جميع المحافظات، ويشمل أيضًا قناة السويس وحلايب وشلاتين والبحر الأحمر، بهدف تقليل الكثافة السكانية فى المناطق المزدحمة، واستغلال مساحات الأراضى فى مصر.
والحق يقال فإن وزارة الإسكان فى الوقت الذى تقوم فيه بتنفيذ مثل هذا المشروع لفئة متوسطى الدخل، فهى تقوم أيضاً بتنفيذ أضخم مشروع على مستوى العالم لمحدودى الدخل، وهو مشروع «المليون وحدة» الذى يتم تنفيذه بمساحة 90 مترا صافية، كاملة التشطيب والخدمات والمرافق وأيضا، بمقدم حجز 5 آلاف جنيه، ودعم يتراوح بين 5 و25 ألف جنيه، وفقا لدخل كل مستفيد. والوزارة بهذا الشكل تحرص على ضبط «السوق العقارية» من خلال طرح مشروعات متنوعة، تناسب جميع فئات المجتمع، من خلال دعم محدودى الدخل أسوة بما يتم فى مشروع المليون وحدة، ومساندة متوسطى الدخل، وهو ما يتم خلال طرح مشروع «دار مصر»، والاهتمام بشريحة «مرتفعى الدخل» أيضاً أسوة بما تم فى طرح قطع الأراضى المميزة.
ولأننى دائم التنقل بين القرى والنجوع التابعة لمسقط رأسى مدينة زفتى بمحافظة الغربية فقد لمست بنفسى أهمية ما يحرص عليه الدكتور مصطفى مدبولى فى مشروعاته الكثيرة التى تستهدف النهوض بالصرف الصحى فى القرى والمناطق التى تعتمد على الصرف الأهلى الذى يهدد البيوت بالانهيار.. فقد أخبرنى من قبل بأنه مهموم بإيجاد حلول عاجلة لهذه المأساة وبالطبع فأنا أشاركه الرأى فلا شىء يعادل أن يظل مواطناً معرضا للموت فى أى وقت بسبب الخطر الذى يحيطه أسفل البيت الذى يسكن فيه، وهذا والحق يقال أمر لمسته بنفسى فى إحساس الدكتور مصطفى مدبولى العالى بمعاناة هؤلاء البسطاء وهو لم يكتف بمجرد التعاطف وحسب بل ترجمه بشكل علمى فى أن الوزارة الأن بصدد البدء فى تنفيذ أكبر مشروع للصرف الصحى للقرى المصرية، بالتعاون مع البنك الدولى، لخدمة قرى الدلتا بالكامل، خلال 3 سنوات، لإنهاء معاناة 760 قرية، وهذا العدد من القرى يفوق ما تم تنفيذه خلال 25 عاما كاملة، من توصيل خدمة الصرف الصحى والتى تصل إلى 580 قرية.. والشىء اللافت للنظر أن المشروع لن يعتمد على موازنة الدولة بشكل كبير، وإنما ستقوم الوزارة بطرق كل أبواب الجهات المانحة، فالبنك الدولى سيقوم بمنح مليار دولار كمرحلة أولى، بجانب البنك الأوروبى والصناديق العربية والجهات المانحة الأخرى، لتمويل هذا المشروع الضخم، الذى بكل تأكيد سينهى معاناة ملايين المواطنين فى مصر.
كنت قد اخترت لنفسى طريقاً من قبل وعاهدت الله عز وجل بألا أحيد عنه ما حييت، وهو أن أساند وأقف إلى جوار كل من يعمل من أجل مصر وكل من يكرس وقته وجهده من أجل إسعاد هذا الشعب الطيب الذى يستحق الكثير والكثير.. وهو ما يدفعنى الآن إلى الكتابة عن الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية مسانداً ومؤيداً لما يقوم به من مشروعات حقيقية تتسم مع الواقع يستهدف من خلالها إيجاد حل جذرى لمشكلة الإسكان المزمنة فى مصر، وهو دور يجب أن يضطلع به الإعلاميون والكتاب والصحفيون الذين يؤمنون بأهمية الإعلام التنموى، وذلك عملاً بقول رسولنا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَادَامَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ»، صدق رسول الله.