طقس سنوى اعتادت الصحافة والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية على القيام به كل عام، ألا وهو إجراء الاستفتاءات السنوية واختيار الأفضل فى كل الفئات والمجالات، وبالطبع يتصدر النجوم أهم استطلاعات الرأى.. فمن هو أحسن ممثل؟ ومن هى أفضل ممثلة؟ ومن يكون أحسن مخرج؟ إلى آخر التصنيفات والمسميات، ويكون على الناقد عصر ذهنه لاستدعاء الأفضل من الأعمال الفنية التى تنافست فى هذا العام..
إننى لست من هواة «أفعل التفضيل»، حيث إن العمل الجيد لا يختلف عليه أحد، ورغم أن المشهد السينمائى كان قاتمًا فى نصفه الأول، إلا أن صناعة السينما المصرية التى تعانى من عدم المهنية والاحترافية، فى ظل غياب الرؤية التى تحكم وتنظم هذه الصناعة، إضافة إلى سيطرة العشوائية، مثلها مثل المجتمع المصرى يملك إرادة البقاء، ويحاول ذاتيًا رغم كل المشاكل أن يتكيف ويتعايش مهما كانت الأوضاع، ولذلك تظل السينما المصرية رغم السنوات العجاف، ولادة وبها العديد من المواهب، واستطاعت هذه المواهب أن تعيد الجمهور إلى السينما، ليس ذلك فقط، بل أكدت أن العمل الجيد يفرض نفسه، وأن الجمهور «مش دايما عايز أفلام البلطجى والرقاصة»، بل إنه عندما يجد أن هناك عملا يحترم عينه وعقله وقلبه، يذهب إليه مرة واثنتين وثلاث، وهذا ما حدث مع أفلام احترمت المشاهد فاحترمها، ولذلك تصدرت الإيرادات، ومنها «الحرب العالمية الثالثة»، و«الفيل الأزرق»، و«الجزيرة 2»، و«لا مؤاخذة»، و«فتاة المصنع»، و«الخروج للنهار»، و«ديكور» وغيرها من الأعمال السينمائية، التى عمل أصحابها بحب وإخلاص، بجانب أصحاب دور العرض الذين استمروا رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وهو الحال الذى لم يختلف كثيرًا فى صناعة الدراما، حيث تعانى هى الأخرى من مشاكل تسويقية، وأهمها تأخر مستحقات المنتجين عند القنوات الفضائية.
ورغم ذلك كله فلم تتوقف عجلة الإنتاج، وقام المنتجون بتقديم إنتاجات شديدة التميز فى جميع العناصر الفنية، ولم يعد الأمر يقتصر على عنصرى التمثيل والإخراج فقط، بل ظهر الاهتمام واضحًا بالصورة والصوت، لذلك لا أحد منا ينسى الجمل الموسيقية المميزة لمسلسلات مثل «سجن النسا» لتامر كروان، أو «دهشة» للمبدع عمر خيرت، أو «السبع وصايا» لهشام نزيه، أو «عد تنازلى» لعمرو إسماعيل، أو «صاحب السعادة» لخالد حماد.
الحال نفسه بالنسبة للتصوير والإضاءة المميزين لسمير بهزان فى «دهشة» للفخرانى، وطارق التلمسانى فى «جبل الحلال»، ونانسى عبدالفتاح فى «سجن النسا»، وهذا هو الإنجاز الأهم لأصحاب المواهب الحقيقة والمبدعين الذين أعادوا الذائقة الحقيقية إلى الجمهور، بعد أن بات القبح سيد الموقف، وهو ما كان يجرح العين ويدمر الذوق والتذوق، هؤلاء جعلونا نستعيد من جديد قيمة الصورة الجيدة، والكلمة المعبرة، والجملة الموسيقية التى لا تغادرنا، لذلك أعتقد أن من يستحق الأفضل أو الأحسن ليس عملًا واحدًا أو اثنين، بل هؤلاء المبدعون الحقيقيون الصادقون فيما أنجزوا من أعمال فنية.
الأفضل هم هؤلاء المطربون الذين أعادوا الحياة وقدموا حفلات غنائية فى أماكن مفتوحة واستطاعوا جمع الآلاف ممن التفوا حولهم وغنوا معهم، متغلبين على الخوف الذى سكن الكثيرين فى السنوات الأخيرة، وأيضًا فرق الشباب من المسرحيين والذين أكدوا بتجاربهم ومحاولاتهم أن المسرح رغم معاناته فإنه لا زال يحمل الأمل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة