قبل أسابيع كنت فى زيارة إلى المملكة المغربية الشقيقة، وبينما كنت فى السيارة بمدينة مراكش، فاجأنى مرافق مغربى يعمل فى وزارة الخارجية بسؤال: «لماذا توجه مصر الإهانات إلى المغرب؟»، قلت له: «لم يحدث أبدا»، ولأنى توقعت أن يكون وراء سؤاله، ما حدث من انفلات إعلامى يحدث بتجاوز عن الشعب المغربى - لا أفضل إعادته هنا - قلت لمرافقى المغربى أن الشعب المصرى يحمل كل المحبة والود للمغرب قيادة وشعبا، وأن الإعلامية التى تحدثت بإساءة عن المغرب تم إقالتها من القناة الفضائية التى تحدثت فيها، وهى قناة خاصة لا تعبر عن الموقف الرسمى لمصر وأن الموقف الرسمى غضب مما حدث، وعبرت وزارة الخارجية عن ذلك. لم يكن السؤال الذى فاجأنى فى مدينة مراكش هو الوحيد من هذا النوع الذى قابلنى أثناء الرحلة، وإنما سمعته أكثر من مرة بالرغم من طيبة الناس، وكرم الضيافة، والحب الكبير الذى يحمله الشعب المغربى لمصر، ومن مظاهره الدالة سؤال الناس لى ولزملائى: «مصريون، أهلى ولا زمالك؟»، بالإضافة إلى عشق أغانى أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وذكريات سمعتها من البعض عن غناء أم كلثوم فى المغرب، وصداقة العاهل المغربى الراحل الملك الحسن الثانى لعبدالحليم حافظ، وحفلات عبدالحليم والفنانين المصريين السنوية فى عيد العرش.
وفى محل كبير ومشهور فى مراكش للعطور ومستحضرات تجميل من الأعشاب المغربية، فاجأتنا مديرة التسويق فيه واسمها «فدوة» بقولها بخفة دم: «نتكلم صعيدى ولا بحرى؟»، وزادت: «مين فيكم من كفر الشيخ، ومين من بورسعيد، ومين من المنصورة ومين من إسكندرية، ومين من دسوق، ومين من طنطا، ومين من إمبابة؟»، وواصلت سرد أسماء المدن المصرية، بلهجة مصرية خالصة لا يدخل فيها أى لكنة مغربية، حتى ظننا أنها عاشت فى مصر سنوات، لكنها أكدت لنا أنها لم تزر مصر أبدا، وتعرف كل شىء عن مصر بواسطة المسلسلات والأغانى المصرية، وعلى حد قولها حفظت مصر حارة حارة، وشارع شارع، وكان ذلك دالا إلى أى مدى يؤثر الفن، كما أنه رسول عظيم للثقافة المصرية إلى كل مكان فى الوطن العربى، ويعمق الترابط بين مصر قلب العروبة والدول العربية من المحيط إلى الخليج.
أسرد كل هذه الوقائع بمناسبة ما تردد فى الساعات القليلة الماضية حول توتر ما فى العلاقات بين البلدين، على خلفية زيارات لإعلاميين إلى مؤتمرات جبهة البوليساريو ومنها مؤتمر عقد فى الجزائر، بالإضافة إلى زيارة لمخيم «تندوف» وهو ما أغضب المغرب، وإذا كان من البديهى أن مثل هذه الزيارات لا تعبر عن وجهة النظر السياسية الرسمية، فمن الضرورى أن تنشط الدبلوماسية المصرية لتوضيح ذلك حتى لا يتم تصعيد الأمور بين البلدين فى غير محلها، فما يجمع الشعبين أقوى بكثير، وعمقه يبدأ من الهجرات المغربية فى عصور خلافة الدولة الإسلامية إلى محافظات مصر المختلفة، وتكونت عبرها قبائل مصرية ذات أصول مغربية.
أحسنت الدبلوماسية المصرية بتحركها لوقف كل تحرك يعكر صفو العلاقات بين البلدين، وأعتقد أنه من الضرورى أن يضع الرئيس عبدالفتاح السيسى زيارة للمغرب على أجندته فى الفترة المقبلة حتى يبدو أن مصر تقترب من الجزائر والمغرب بدرجة واحدة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
وقف السلطات المصرية تعاونها مع الإرهابيين الانفصاليين سيكون جيدا
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
وقف السلطات المصرية تعاونها مع الإرهابيين الانفصاليين سيكون جيدا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد و لد الدا ( صحراوي سويسرا)
الجمهورية العربية الصحراوية على مرمى حجر