صرختان موجعتان من الصديقين، الكاتب الصحفى محمود البرغوثى، والإعلامى جابر القرموطى، تتعلقان بالفلاح وهمومه، والقطن الذى تقول له الحكومة: «وداعًا»، تقولها وكأنها ضبطت الفلاح يرتكب فعلا فاضحا بزراعته، مما جعل وزير الزراعة الدكتور عادل البلتاجى يعلن أن الحكومة لن تقدم دعما لزراعة القطن أو تسويقه الموسم الحالى، وطالب الفلاح بمعرفة كيفية تسويق محصوله دون تدخل الدولة.
كلام الوزير تخلٍّ صريح من الدولة عن الفلاح، وخراب كبير لبيوت الفلاحين الذين زرعوا القطن وتحملوا مشقته، وانتظروا ريعه لمواجهة أعباء الحياة، مما دفع «القرموطى» فى برنامجه مانشيت أمس الأول إلى الصراخ بدرجة يكاد معها أن يخرج من الشاشة للاشتباك مع الوزير والحكومة.
أما صرخة «البرغوثى» فأرسلها لى قائلا: إن مصر كانت تزرع مليونا ومائتى فدان قطن، تنتج حوالى 12 مليون قنطار، وكانت تتصدر دول العالم فى إنتاج القطن طويل التيلة، الذى كان يحمل لقب «ملك الغزول» فى العالم، واليوم لا نزرع أكثر من 220 ألف فدان فى الحصر على الطبيعة، لكن التصريحات تقول إنه 375 ألف فدان، بإنتاج لا يزيد على مليون و600 ألف قنطار، وخرجت مصر من سوق طويل التيلة، بحجة أن تكنولوجيا الغزول أصبحت تنتج خيوطًا رفيعة من القطن قصير وطويل التيلة ومتوسط التيلة.
القضية كاشفة لحالة الفوضى فى السياسات الاقتصادية القائمة، وفى القلب منها السياسة الزراعية، ففى الوقت الذى لم تعد هناك دورة زراعية ملزمة للفلاح بزراعة محاصيل معينة كانت بالطبع محاصيل استراتيجية، أصبح الفلاح حرا فى زراعة ما يشاء وهرب الكثيرون إلى زراعة الفواكه، ومنها على سبيل المثال زراعة الموالح فى العديد من محافظات الدلتا، مما أدى إلى وفرة فى إنتاجها مقابل قلة فى تصديرها، وهو ما يرتب خسائر كبيرة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، فى الوقت الذى لا يعانى فيه أصحاب المزارع الكبيرة نتيجة قدرتهم على التسويق وخدمة زراعتهم بمواصفات تؤهل الإنتاج للتصدير.
فى قضية زراعة القطن، وبعد أن عرفته مصر كمحصول استراتيجى وسندا قويا للاقتصاد منذ عهد محمد على حتى جمال عبدالناصر، وتغنينا به زمنا بوصفه «الذهب الأبيض»، أصبحنا أمام حالة تعكس مأساة تدهور حال مصر فى الصناعة، كما فى الزراعة، فمنذ سنوات سبعينيات القرن الماضى بدأت صناعة النسيج فى التدهور، وبعد أن كانت مفخرة مصر عالميا، تم تخريبها عمدا من أجل بيع المصانع فى مهرجان الخصخصة، وكانت زراعة القطن أهم ضحايا هذا التدهور، وبالطبع فإن الفلاح وباعتباره الحلقة الأضعف ظل يدفع الثمن فادحًا.
تفشل الحكومة فى عملية تسويق القطن منذ سنوات، وهذا ليس الركن الوحيد فى القضية، فهناك إهمال تطوير مصانع الغزل والنسيج، وهناك استيراد القطن من الخارج مع بدء موسم جنى القطن فى مصر، وليس من المفهوم أن تترك الحكومة هذا الأمر وهى تعلم أن الفلاح هو الذى سيدفع الثمن فادحًا، والأهم من كل ذلك، أين هى الحكومة كجهة حارسة للفلاح؟ لماذا تتركه يزرع ثم يجنى المحصول، وأخيرا تتركه فى العراء وحيدا؟ تلك سياسة تؤكد وجود تخبط وفوضى حكومية يدفع ثمنها الفلاح الذى يزرع ويحصد وينتج.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
سبحان الله - نشترى ملابسنا من الخارج ولدينا افخر انواع ومواصفات القطن فى العالم - كله مشقلب
عدد الردود 0
بواسطة:
د.قدرى
الشعارات تؤدى الى خسائر يدفع ثمنها الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
د.قدرى
الشعارات تؤدى الى خسائر يدفع ثمنها الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
د.قدرى
الشعارات تؤدى الى خسائر يدفع ثمنها الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو يوسف
أضيف للتعليق رقم 1 بيع مصانع الغزل والنسيج ومحالج الأقطان له دور في الكارثة
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
الشربيني المهندس
فتش عن يوسف والي
عدد الردود 0
بواسطة:
الشربيني المهندس
فتش عن يوسف والي