أوقفت لجنة تفتيش لداعش رجلا وامرأة فى إحدى المناطق التى تسيطر عليها فى العراق، وأراد الداعشى أن يعرف ما إذا كان الرجل وزوجته مسلمين أو مسيحيين، فسأله: أنت مسلم، قال نعم، قال له: اقرأ شيئا من القرآن. فقرأ الرجل بكل ثقة: «خبزنا كفافنا اعطنا اليوم ونجنا من الشرير»، فأمره الرجل العابس بالمرور، وبدت الزوجة مندهشة وهى تسأله: ما قرأته ليس القرآن، فرد الرجل: لو كان هذا الرجل يعرف القرآن أو الإنجيل ما كان يقتل الناس هكذا.
كان هذا سخرية من الدواعش الذين لا يعرفون شيئا عن الدين ولا القرآن ولا الإنجيل، وإنما مجموعات من الدواب المرتزقة، تم حقن عقولهم بأقاويل خليط من الأفكار البدائية التى لا تمت للأديان بصلة. وهى سخرية تعبر عن كون الطائفية والإرهاب تنافى الفطرة، وليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بالدين أو الإيمان. ثم إن أكثر الحروب انحطاطا جرت باسم الدين والعرق، بينما كان الدين بريئا منها.
وفى مشهد من مشاهد الإرهاب البدائى كان فى اليمن بمركز ثقافى للحوثيين احتفالا بالمولد النبوى الشريف، وأثناء الاحتفال فجر إرهابى نفسه، ضد من اعتبرهم الكفار والأعداء، الانتحارى مسلم والضحايا الذين تجاوزوا الخمسين مسلمون.
يعنى داعش وأخواتها لا يحرمون فقط تهنئة المسيحيين بالأعياد، أو شم النسيم، وإنما يمدون التحريم إلى مولد النبى وعاشوراء وكل الاحتفالات والأعياد، فقط هم يركزون على المرأة ومنعها وحصارها ويستمتعون بها ويتاجرون بها.
وكما أصبح معروفا، فإن داعش ليست أشخاصا، لكن طريقة تفكير تتجه لتحريم الدنيا على الآخرين ونشر الكراهية باسم الدين، بينما الأديان كلها جاءت من أجل السلام والمحبة والتعاون، ومن أجل تيسير حياة البشر، لكن الإرهابيين لهم دين آخر يقترب من الفاشية والعنصرية والمغول والتتار، حيث التدمير هو الأصل، يكرهون كل ما لا يعرفونه، لا يلفت نظرهم تزامن أعياد الميلاد مع مولد النبى، وكيف أن المصريين حلوا كل المعضلات فى حياتهم، وقدموا الإسلام المصرى الفطرى، فالمصريون يحتفلون بمولد النبى ويبجلون الصحابة، وآل البيت فى آن واحد، ولا يحملون فيروسات الطائفية والعرقية، وفى نفس الوقت يجمعون حب السيدة العذراء مريم والسيد المسيح، ولا يجدون مشكلة فى الاحتفال بأعياد مصرية مسيحية مثل الغطاس وشم النسيم، بينما المسيحيون يأكلون حلوى المولد، ومن دون شوفينية أو عنصرية فقد حل المصريون معضلة التسامح من دون الكثير من الفذلكة و«القعقعة».
وحتى المسيحية تختلف فى مصر فى تفاصيل كثيرة، لأنها نتاج تفاعل تاريخى يسير تحت الجلد، وفى جينات المجتمع، التى تمثل بذورا للتسامح، تقاوم النعرات العنصرية والطائفية التى استوردها الإرهابيون من بلدان عرفت الطائفية قبل أن تعرف التسامح، ربما لهذا يحتاج العقل «الداعشى» لمن يدعوه إلى الدين من جديد.