حسنا فعل الإمام الأكبر شيخ الأهر حين أمر بسحب كتب السلفيين والإخوان من جامعة الأزهر بناء على التحقيق الجرىء الذى نشرته الصحفية اللامعة إيمان الوراقى فى «اليوم السابع» بتاريخ 2 يناير وفضحت فيه الفكر المتطرف الذى يتسلل إلى عقول الطلاب عن طريق كتب ومناهج يروج لها ويقوم بتدريسها أساتذة ينتمون إلى هذا الفكر البائس الذى يتعارض مع سماحة الإسلام الحنيف ومع وسطية الأزهر (اليوم السابع/ 7 يناير)!
أقول.. حسنا فعل الإمام الأكبر، ولكن السؤال: هل هذا يكفى؟
ماذا لو تولى مشيخة الأزهر رجل آخر وفتح الباب لعودة المناهج المشبوهة وكتب سيد قطب ومحمد بن عبد الوهاب وابن عثيمين وهم أئمة التطرف والتخلف والعنف؟
إن سحب عدة كتب لن يقضى على الأفكار الكارهة للبشر، وحذف الألفاظ القديمة من مناهج الأزهر لن يوقف نمو الآراء العنيفة المتشددة، لأن جوهر المشكلة يتمثل فى تعدد أنظمة التعليم فى مصر، فلا يصح أن يكون لدينا نظام مدنى تضع مناهجه الحكومة، وآخر دينى فى عهدة رجال الدين وهم فى الآخر بشر، منهم من ينحاز إلى اللين والمجادلة بالتى هى أحسن، ومنهم من يرفع فى وجه مخالفيه سلاح التكفير والإبادة، فلتتخذ الدولة خطوات واضحة محددة لتوحيد النظام لتعليمى.
هذا النظام الذى نحلم به يتم وضع برامجه ومناهجه وتصوراته من قبل الدولة، وبالطبع سيكون هناك كليات متخصصة فى الدينA - إسلامى أو مسيحى - لكنها تخضع للتصور العام للدولة المصرية المدنية التى تكفل حرية الرأى والاعتقاد والإبداع، وتنذر من يفكر فى استخدام العنف لفرض رأى أو فكرة باسم الدين!
ألم تسأل الدولة نفسها: لماذا يزدهر العنف بين طلاب الأزهر؟ ألم تنتبه الدولة إلى أن ثعبان التشدد الفكرى زحف إلى مناهج الأزهر منذ عقود فأفسدها حتى غدونا نرى طلابا يدمرون ويخربون ويقتلون ويظنون أنفسهم يدافعون عن الإسلام وتحمى حماه؟
لا مستقبل مزدهرا فى مصر دون الشروع فى إطلاق ثورة فى التعليم.. ثورة تقتلع الأفكار التى تخاصم العصر من جذورها، لتبنى مجتمعا أكثر حرية وعدلا وجمالا.