هناك مفارقات فى قضية المجلة الفرنسية والهجوم على صحيفة شارلى إبدو الأسبوعية الفرنسية، وهى أن المسلمين فى فرنسا وعددهم يقترب من 5 ملايين، يجدون أنفسهم فى مواجهة أفكار داعش، وأيضا الهجوم على الإسلام، وثالثا معاداة المسلمين. ثم إن الصحيفة نشرت الرسوم المسيئة 2006، وقدمت ملفات خلال عامى 2011، وما بعدها، وقبل أسبوع نشرت كاريكاتيرا يسخر من البغدادى أمير داعش، فكان الهجوم الذى أسقط 12 قتيلا منهم 3 رسامين ورئيس التحرير.
بدا أن البغدادى أهم لدى الدواعش من الإسلام، ثم إن الهجمات الإرهابية حرمت المسلمين فى أوروبا من خوض معركة قضائية وفكرية، كان يمكن أن تمثل علامة لتوضيح الفرق بين الإسلام ومن ينتسبون إليه زورا أو إرهابا.
صحيفة «شارلى إبدو» كانت مهددة بالإفلاس، وما حدث من الإرهاب سيخدمها ويضرّ بالمسلمين. فقد صدر عدد خاص من الصحيفة عام 2011 بعد فوز حركة النهضة فى الانتخابات التونسية، واستخدم ناشرو الصحيفة عبارات اعتبرها مسلمون مبالغة وإساءة، لكن الجريدة قالت إنها لا تقترب من العقائد وإنما تهاجم مسلمين أو مسيحيين أو يهودا بعيدا عن الديانات. يومها تعرض مقر الجريدة فى باريس لانفجار ونفدت نسخ العدد فى ساعات. وفى يناير 2013، نشرت الصحيفة ملحقا من 64 صفحة، عن «الشريعة» وصفه ستيفان شاربونييه رئيس تحرير الصحيفة «إذا أراد الناس الشعور بالصدمة فإنهم سيشعرون بالصدمة».
رفعت بعض الجمعيات الإسلامية دعوى فى المحكمة صحيفة «شارلى إبدو» بسبب رسوم وملفات اعتبرتها تسىء للإسلام والمسلمين، لكن المحكمة اعتبرت أن الرسوم الكاريكاتورية استهدفت «الإرهابيين» وليس المسلمين.
وباعت الصحيفة على إثرها حوالى نصف مليون نسخة، وهو أضعاف عدد نسخها المتداولة أسبوعياً والذى يتراوح بين 55 ألفاً و75 ألف نسخة.
الصحيفة تنتقد السياسيين والمشاهير، وكثيراً ما وقف ممثلوها أمام القضاء بسبب متهمين بالتشهير. لكن بعد هجمات الإرهابيين تضامنت نفس الجمعيات الإسلامية مع الصحيفة، وأدان المجلس الفرنسى للمسلمين الهجوم الإرهابى، وأكد فى بيان «هذا العمل الهمجى الخطير للغاية، هجوم على الديمقراطية وحرية الصحافة».
المسلمون فى فرنسا وأوروبا يخوضون حربا متعددة لإنقاذ صورة الإسلام من إساءات داعش، ويفضلون الطرق القانونية لمقاضاة صحف هى فى الواقع تهاجم الإسلام أيضا بسبب إرهاب وتطرف داعش وأمثالها، ويعتبرون أن هناك خلطا بين الأديان ومن ينتسبون إليها.
ويرى المسلمون فى فرنسا أن المواجهة القضائية أو الفكرية مع المتطرفين ضد أو مع الإسلام أفضل، وأن الإرهاب يضيع القضية ويسىء للإسلام والمسلمين، ويساعد فى تدعيم الصحف التى تكتسب شهرتها من الهجوم عليها، وليس مما تقدمه من مضامين.