فى الوقت الذى يواجه الشباب الفلسطينى بصدورهم العارية محاولات المستوطنين والمتطرفين اقتحام الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال، وفى الوقت الذى يدعو فيه المتطرف نير بركات، رئيس بلدية القدس، المستوطنين والمستعربين إلى حمل السلاح وقتل العرب ، وفى الوقت الذى تسعى حكومة نتنياهو لاستغلال حالة الضعف العربى والانقسام الفلسطينى لهدم الأقصى وبناء الهيكل الثالث، يدعو أشاوس حركة حماس بغرابة شديدة إلى تفعيل المصطلح الأمريكى السيئ السمعة «ضبط النفس»، وهو المصطلح الذى ظهر ليلجم كل تحرك عربى فى مواجهة الاعتداء الإسرائيلى خلال نصف القرن الماضى!
لماذا يدعو أشاوس حماس إلى ضبط النفس، وعدم إقحام غزة فى المشهد، وكأن القطاع يتبع اليونان أو قبرص، وكأن أبناء غزة ليسوا فلسطينيين ولا يهمهم مستقبل قضيتهم ووطنهم؟! لماذا يدعون إلى ضبط النفس بينما الأقصى مهدد بالهدم، والحرم الإبراهيمى مغلق بأمر الإسرائيليين أو يجتاحه جنود الاحتلال ويعيثون فيه فسادًا، وبينما قبر النبى يوسف ممنوع على أصحاب الأرض؟! متى يقاوم أشاوس الحركة إذن، إذا لم يكن ما يحدث فى القدس وبحق المسجد الأقصى هو الداعى والدافع الأول للمقاومة؟!
هل نسيت حركة حماس أنها حركة مقاومة، بعد أن تحولت على أيدى قادتها الحاليين إلى ميليشيا مسلحة ومجموعة من المرتزقة؟، هل انتهى عهد النضال بحماس إلى التفريط الكامل فى الثوابت الوطنية، وتفضيل المكتسبات الشخصية على المصلحة الوطنية العليا؟، أى مصير يراه أشاوس الحركة لأنفسهم عندما يدعون إلى ضبط النفس، بينما الشباب الفلسطينى يتلقى الرصاص والأقصى يتعرض لأسوأ سيناريو صهيونى؟، أى مصير يسعون إليه عندما يواصلون التحدث عن المقاومة بينما الجبن والتخاذل عنوان كل تحركاتهم على الأرض؟، وإلى من يوجهون بنادقهم وصواريخهم إذا لم يوجهوها إلى صدور جنود المحتل الغاشم ودباباته ونقاطه الأمنية ومستوطناته السرطانية؟!
الإجابة عن هذه الأسئلة السابقة كلها تعكس للأسف الشديد المصير الأسود الذى انحدرت إليه حركة حماس بعد أن تناست مبررات وجودها ومعنى بقائها، وباتت تتحرك بأوامر من يدفع أكثر، لتذهب الأموال إلى حسابات القادة فى الخارج، بينما أهالى قطاع غزة يعانون من الفقر، وغياب التعليم والرعاية الصحية، والقهر المضاعف من الاحتلال ومن حماس معًا!
هل نتوقع خيرًا أو نضالًا ممن يتلقون أوامرهم من تل أبيب، وينسقون مع نتنياهو، وعندما يمرضون تعالجهم الحكومة العبرية فى أفخم المستشفيات، ويستجمون سرًا على شواطئ نهاريا الإسرائيلية؟!