لماذا يشعر معظم المصريين بالإعجاب بالضربات الروسية ضد الإرهابيين فى سوريا؟
سؤالى لا يستند إلى استطلاعات رأى حول هذه القضية، فهى لم تتم حتى الآن، ولكنه مستمد من مجمل آراء كثيرة سمعتها من مصريين بسطاء ومثقفين، ومن شباب وشيوخ، والكل يتمنى للمشاركة الروسية للجيش العربى السورى أن تنجح وتقتلع الإرهاب فى سوريا.
لم تتأثر حالة الشعور بالفرح بإعلان جماعة الإخوان رفضها للموقف السورى، والوصول بها إلى الزعم بأن ما يحدث فى سوريا هو «احتلال روسى إيرانى لسوريا»، وأن هذا الاحتلال هو لـ«قمع الثوار الحقيقيين لنظام بشار الأسد»، كما لم تتأثر حالة الشعور بالفرح باتخاذ «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين» بقيادة يوسف القرضاوى نفس موقف جماعة الإخوان، وكذلك شيوخ أصدروا بيانات مماثلة.
حالة الإخوان وحلفائهم الرافضة لدور روسيا فى الأزمة السورية عبرت عن موقفها بلغة طائفية خالصة، فبيان الإخوان نص على أن «هناك مؤامرة دولية على منطقتنا العربية وشعوبنا وهويتنا الإسلامية السنية»، وهى لغة جربتها شعوب المنطقة فى السنوات الماضية، وبالتحديد منذ نهايات سبعينيات القرن الماضى، وفيها تواصل حديث تقسيم المنطقة مذهبيًا بين شيعة وسنة، وصاحب ذلك تغلغل الإرهاب فى كل البلدان العربية، وكانت مصر من أكبر الدول المتضررة منه، حيث راح آلاف الضحايا من الجيش والشرطة والشعب، كما جرب المصريون عن قرب حكم الجماعة مع محمد مرسى الذى قسّم الشعب المصرى إلى ملحدين ومؤمنين، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة.
اكتوى المصريون بهذه الحالة الطائفية البغيضة، ولمسوا مباشرة النتائج المترتبة عليها، والتى يختلط فيها التخلف مع برك الدم المتفجرة من الضحايا العزل الذين يقتلهم الإرهابيون بدم بارد، وكرهوا كل الذين يقفون وراءها بالدعم والمساندة والتشجيع، كرهوا الرئيس التركى أردوغان الذى ظهرت مطامعه فى مصر خلال حكم جماعة الإخوان، وكانت مطامع مكملة لما يفعله فى سوريا، وكرهوا الدور القطرى الداعم بالمال لكل ذلك.
تلاحمت كل هذه المعطيات السلبية أمام المصريين، فتشكلت نظرتهم تدريجيًا نحو الأزمة السورية، وتأكدوا أن ما يحدث فيها ليس نضالًا نحو الديمقراطية والنهضة وحق الحياة كما تدعى «الإخوان» وحلفاؤها، وإنما مأوى للإرهابيين الذين تحركهم قوى إقليمية ودولية فى سياق مخطط عام للمنطقة، وعليه ينظر المصريون إلى الضربات العسكرية الروسية فى سوريا بمشاعر الفرح والإعجاب، لأنها فعلًا ضد الإرهاب، ويتمنون أن تؤتى ثمارها قريبًا.