حصول مصر على حاملتى المروحيات «ميسترال» من فرنسا، صفقة ستغير موازين القوى فى المنطقة إلى حد كبير، وستجعل القوى الإقليمية الطامعة فى حدودنا البحرية ومناطقنا الاقتصادية البحرية، تعيد النظر ألف مرة فى حساباتها، ليس هذا فقط، بل إن الصفقة الحدث ستدعم المساعى المصرية للحفاظ على مصالحها الإقليمية فى أعالى النيل وفى باب المندب والبحر المتوسط، خاصة فى ظل حالة الحرب المتنامية على المنطقة وسعى القوى الكبرى إلى إعادة تقسيم الدول العربية على أساس عرقى ودينى.
الصفقة فى حد ذاتها علامة على التحرك المصرى لاستعادة المكان والمكانة عربيا وإقليميا ودوليا فى عهد السيسى، فبعد سنوات من التهديدات التى طالت مجالنا الأمنى الإقليمى وزحفت لتهدد أمننا المباشر فى سيناء والحدود الغربية والجنوبية، وانفجار قنابل الإرهاب المرتبطة بميليشيات المرتزقة المدعومة من الخارج، أصبح بإمكان الدولة المصرية أن تستعيد توازنها إلى حد كبير وأن تغير الصورة السلبية عن موقفها الأمنى والاقتصادى دوليًّا، وأن تستعيد مكانتها العربية والإقليمية كقوة مؤثرة لا يمكن استبعادها من أى تخطيط مستقبلى يخص المنطقة.
على المستوى الإقليمى، رأينا كيف تستعيد الدولة المصرية قدرتها على التأثير فى المجال الأفريقى من خلال قيادة المجموعة الأفريقية فى قمة المناخ بالأمم المتحدة، بالإضافة إلى استعادة التأثير فى القمة الأفريقية بجوهانسبرج فى جنوب أفريقيا من خلال الحشد لمواجهة تهديدات الإرهاب، وكذا المشاركة الفاعلة فى القمة الأفريقية الأوروبية حول اللاجئين القضية الأكثر إلحاحا بالنسبة لأوروبا اليوم.
وعلى المستوى الاقتصادى، استطاعت مصر من خلال المواجهة الأمنية الفاعلة للإرهاب ومن وراءه من أياد خبيثة، ومن خلال الإجراءات المتتالية لدعم الاستثمار وإصلاح التشريعات، تهيئة المناخ لاستعادة تدفق الاستثمارات الأجنبية.
وعلى مستوى الأمن الداخلى، نلمس جميعًا كيف بدأت استراتيجية استعادة هيبة الدولة بتجفيف منابع الإرهاب والضرب على أيدى المتطرفين، وضبط الأمن على الطرق السريعة، وصولا إلى إزالة الاعتداءات العشوائية على الشوارع والمصالح الحكومية ومحطات المترو، ليدرك المواطن بوضوح عودة الدولة.
من هنا، تصبح صفقة ميسترال أكبر من كونها صفقة تسليح تدعم قواتنا البحرية، لتشير إلى قدرة الدولة المصرية على استعادة تأثيرها وتعزيز مكانتها، كما تدل على حركة شاملة فى عهد السيسى لاستعادة الاستقرار وتحقيق الأمن المفقود فى منطقة حرب.