إذا كانت أنفلونزا الطيور رعبا بشريا عالميا، فأنفلونزا البيوت رعب زوجى دائم ومستمر فى الحاضر والماضى والمستقبل القريب والبعيد أيضا.
وهى الأنفلونزا التى تكشف وقوع الزوج دائما «فى الهوى» الذى يؤكد أن العلاقة أصابها خلل فنى وأن الزوجة أصبحت موظفة، فلا تحلم بما كان هوى ولا تصدق إلا وقع تيار الهواء البارد الذى يأتى بالأنفلونزا حيث صدقت العامية المصرية حين أطلقت على من أصيب بهذا الفيروس اللعين أنه «استهوى» أى أخذته لطشة هوا وتحاول الزوجة أن تدواى ألم هذا الهوا بهوى الزوج واهتمامه ورعايته وحنانه وعطفه باعتبار أن علاج الهوا لا يكون إلا بالهوى، فإذا بها تجد أن أحلامها كانت صرحا من خيال فهوى.
الزوج يريد الزوجة «فول أوبشن» طوال الوقت وطول العمر بقوة مائة حصان لا تهتز حتى لو وقف مقياس ريختر على قدميه، لا تشتكى ولا تعلن التعب أو تجاهر به، فالاستسلام للمرض رفاهية ليس من حقها، فالمرض قدر، ولكن الشكوى منه ترف ودلع وتسيب وخبث حريم.
وعندما يتمكن «هوا الأنفلونزا» يستسلم جهاز مناعة الزوجة ويرمى كل أسلحته المنهكة، لأنه يدرك أن فى المرض تكرم الزوجة أو تهان وهى دائما تهان ولكنها لا تفهم.
ولا يعطى الزوج الزوجة أدنى درجات الاهتمام ليس لأنه أنانى لا سمح الله، ولكن لأن مشاعره مثل الدانتيلا لا يستطيع أن يراها تتألم فيكون الحل هو تجنبها.
أما إذا أصيب الزوج بهذا الهوا فلا بد أن تتفانى الزوجة فى خدمته ثم تتفانى وتتفانى كمان وكمان وكأنه فى فندق 10 نجوم تجلس عند قدميه تسهر على راحته تقدم له كل ما هو دافئ وساخن لتأكيد دفء مشاعرها وحرارة عطائها وصدقها، فهى فرصة لكى تثبت حضورها، فالزوج عندما يقول «آه» لا بد أن تقول الزوجة «آهين» وتلاتة ومليون آه. أما إذا قالت هى «آه» فمن الطبيعى أن تتأثر حاسة السمع عند الزوج فلا يسمع أو يرد «باى باى زوجة سكة السلامة يا شربات أشوفك لما تخلص الآه».
الزوجة العاقلة عليها أن تتدبر أمرها ولا تعرض نفسها لأى هوا وتدرك أن طبيعة الزوج تركيبة ذكورية طاووسية، وعليها أيضا أن تستوعب نقيض حالته حين يتحول إلى كائن رومانسى يهلع ويفزع إذا أصيب كلب صديقته بأذى أو مكروه «الشر برة وبعيد»، فالأهم أن الصديقة لا يمكنها الحياة بدون كلبها وهناك فرق.
وإذا أدركت الزوجة هذه الحقيقة فلن تمرض بسبب قلة هوى الزوج الذى يضاعف من هوى الأنفلونزا لديها، وسوف تدرك قيمتها وحجمها الحقيقى فلا تطالب بما دون ذلك أو بما هو أكثر، ولكن الزوجة استغلالية طماعة وشديدة الانتهازية تريد الزواج والزوج أيضا.. آخر طمع.