ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى فى الأسواق الرسمية وغير الرسمية، أزمة حقيقية تعيشها مصر بسبب تداعيات ارتفاع سعر العملة الأجنبية وانخفاض سعر العملة المحلية على الحالة الاقتصادية فى الداخل وما ينتج عنها من حالة تضخم مع انخفاض القيمة الشرائية للجنيه وارتفاع أسعار السلع المحلية والمستوردة، خاصة نحن- ما شاء الله علينا- نستورد أكثر من %75 من احتياجاتنا بالخارج من الغذاء حتى الدواء.
هذه هى النتائج المباشرة لانخفاض قيمة الجنيه وارتفاع الدولار، وهو ما ينعكس مباشرة على الحياة اليومية للمواطن البسيط، أما النتائج الأخرى فهى ظهور المضاربة وانتعاش السوق السوداء نظرا لاحتياج المستوردين للعملة الصعبة للاستيراد، وعدم توافر الدولار لدى السوق الرسمية فى البنوك بالمبالغ المطلوبة.
وهنا المسؤولية ملقاة على عاتق البنك المركزى وقيادته.. فهو المسؤول عن السياسة النقدية فى مصر، وبالتالى عن الكميات المطلوب ضخها من الدولار فى السوق، البنك اتخذ فى هذه الفترة سلسلة من الإجراءات الخاصة بضبط السوق ومحاولة القضاء على السوق السوداء وهو ما نجح فيه رغم اعتراضات رجال الأعمال من تحديد سقف السحب والإيداع وما نتج عنه من أزمات حقيقية فى السوق.
لكن هل المسؤولية وحدها تقع على هشام رامز والبنك المركزى فى أزمة الدولار؟
البنك المركزى صاحب القرار الأول فى إدارة حركة الأموال فى مصر، أمام أوضاع غاية فى الصعوبة، فمصادر الدخل الرئيسية للعملة الأجنبية مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية تحديدا معطلة ومتعثرة منذ يناير 2011، وآلة الإنتاج المحلى متوقفة، والصادرات فى أدنى انخفاض لها من 22 مليار دولار إلى 18 مليار دولار تقريبا، والاستيراد فى أعلى درجاته، فكيف يمكن للبنك المركزى فى ظل هذه الأوضاع الصعبة أن يدير سياسة نقدية مفتوحة ويوفر العملة الصعبة المطلوبة فى ظل توقف الإنتاج وزيادة الاستيراد وتراجع معدلات السياحة وانخفاض تدفق الاستثمارات.. هل هو المسؤول وحده عن الأزمة؟ البنك يبحث عن بدائل كثيرة لتوفير العملة سواء بتصحيح سعر الجنيه لتحفيز الاستثمار الأجنبى ودعم الصادرات، أو بالمساعدات الخليجية وبوسائل تمويل من الجهات الدولية والإقليمية المانحة لزيادة الاحتياطى النقدى.
لكن فى النهاية ليس هذا هو الحل الأمثل والمناسب لمواجهة أزمة الدولار فى مصر، وإنما الحل فى عودة عجلة الإنتاج وتشغيل المصانع وزيادة معدلات التصدير. ورجال الأعمال الذين يهاجمون سياسة البنك المركزى عليهم أن يقدموا روشتة لزيادة الإنتاج وعودة السياحة وجذب الاستثمارات..!