ما يجرى اليوم فى سوريا، هو حرب باردة بين أمريكا وروسيا، أصغر من تلك الحرب التى استمرت منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وانتهت بخروج الاتحاد السوفيتى من السباق فى عام 1990، لكنه يشبهها وربما كان جولة جديدة من صراع القوة والنفوذ، كانت الحرب الباردة تدور على أراضى دول أخرى، فى كوبا وفيتنام، والصين، وأفريقيا، وكوريا. ودول أوروبا الشرقية التى بقيت ما بعد الحرب الثانية ضمن نفوذ الاتحاد السوفيتى.
آخر فصول الحرب الباردة دارت على أرض أفغانستان، عندما تحركت قوات سوفيتية لمساندة الحكم الشيوعى فى كابول ضمن صراع سياسى على السلطة، الولايات المتحدة وجدتها فرصة لإضعاف السوفيت، وصنعت الولايات المتحدة تحالفا والسعودية وباكستان ومصر ودول الخليج، ودخلت لهم أمريكا من باب الإسلام، قالت لهم: على الدول الإسلامية أن تتحالف لصد العدوان الشيوعى الكافر. لم تكن أمريكا تهتم كثيرا بالإسلام، مول العرب المجاهدين الأفغان والعرب الذين تحركوا من كل دول العالم لمجاهدة السوفيت، ودعمت أمريكا وأجهزتها تنظيمات القاعدة والمجاهدين، وانهزم السوفيت، وغادروا، وتصارع المجاهدون حتى فازت طالبان وتوطن تنظيم القاعدة.
نسيت أمريكا تنظيم القاعدة وحلفاءها، وهاجموها فى 11 سبتمبر، عادت الولايات المتحدة لتشن حربا على حلفائها السابقين، وأصبح المجاهدون السابقون إرهابيين وفى الطريق غزت العراق وعادت التنظيمات الإرهابية لتتوطن.
اكتمل سقوط الاتحاد السوفيتى مع جورباتشوف، وخرج من السباق وبقيت أمريكا القطب الأوحد فى العالم.
بعد غزو العراق، ثم الحرب فى سوريا وليبيا فتحت مجالا لعودة الإرهاب. أمريكا دعمت المعارضة السورية المسلحة، فانتصر داعش، بدت أمريكا غير قادرة على حسم النزاعات.
مؤخرا أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، شن حرب ضد داعش، بلا نتيجة، وفى وقت كان أوباما يعترف أمام الأمم المتحدة بأخطاء التدخل، «كان على المجتمع الدولى فعل المزيد لتجنب حدوث فراغ فى القيادة بليبيا التى تعيش حالة من الفوضى منذ سقوط معمر القذافى قبل أربع سنوات» كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يلقى باللوم على أمريكا «الفراغ فى السلطة الذى نشأ فى بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدى إلى بروز مناطق للفوضى، بدأت تمتلئ على الفور بمتطرفين وإرهابيين» وفى نفس الوقت يعلن مساندة سوريا والأسد فى مواجهة الإرهابيين، وأرسل بوتين قوات، وبدأ شن هجمات، فيما بدأ إعادة للحرب الباردة، أمريكا تبدو مجبرة على تقبل التحرك الروسى، وحديث عن تنسيق، مع توقعات بتحركات أمريكية مضادة لإضعاف الخصم السابق الذى يبدو وقد التقط أنفاسه، فيما ينبئ بحرب باردة، أصغر مما كان بعد الحرب الثانية، لكنه يدور أيضا على أرض الشرق الأوسط ربما تتسع، أو تبقى باردة تعيد تقسيم النفوذ، وهو أمر تجيب عنه الأيام قريبا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة