فى الأحداث الكبيرة ولحظات الاختبار تثبت السيدة المصرية دائما أنها القائدة والمعلمة والأقدر على إدراك المصالح العليا للبلاد والعباد، تأخذ زمام المبادرة وتقود التائهين فى سكة "اللى يروح ميرجعش" إلى "سكة السلامة" بهدوء عن طريق ما يعرف فى لغة ومصطلحات الجيش بـ " بيان على المعلم".
الإحصاءات كلها حول انتخابات مجلس النواب المرحلة الأولى ، أكدت أن أعداد السيدات اللائى أدلين بأصواتهن بلغت أربعة أضعاف الرجال ، فكيف امتلكت السيدات هذا الوعى السياسى الرفيع بالمصلحة العليا للبلاد التى تقتضى ضرورة المشاركة فى الانتخابات حتى لا "يلم " البرلمان المرتجى كل من هب ودب من الفاسدين وتجار الدين والجهلة؟ قد يقول قائل ، إن الرجال مشغولون فى أعمالهم ، وإن معظم السيدات اللائى ذهبن إلى مراكز الاقتراع فى الساعات الأولى من اليوم لا يرتبطن بوظائف أو أعمال ملزمة ، وقد يحاجج ثان بأن كثير من الرجال عازفون عن المشاركة لأن النتائج محسومة .
ولهؤلاء أقول إن نسبة السيدات العاملات اللائى فضلن أن يدلين بأصواتهن بإذن رسمى أثناء ساعات العمل أكثر بكثير من السيدات اللائى لا يعلمن بحسب تفاصيل التقارير الإخبارية وشهود العيان واستطلاعات الرأى الميدانية ، ولا أعرف ما الذى منع الرجال من الاستئذان ساعة والمشاركة فى التصويت مثل السيدات ، إذا كانت المشاغل ملحة وشديدة ، إلا إذا كان الأمر يتعلق بالخمول والتكاسل والتواكل الذى يصيبنا فى لحظات الاطمئنان والراحة !
أما من يقول بأن الرجال عازفون عن المشاركة لأن النتائج محسومة لفئة أو مجموعة أو فصيل سياسى ، فهؤلاء واهمون ومصابون بأكثر الأمراض السياسية انتشارا فى بلادنا وهو " العمى الحيثى" ،لأنهم لايدركون طبيعة اللحظة السياسية التى نعيشها وما بها من سيولة تجعل من الواجب على كل مصرى أن يقاتل حتى يدافع عن مستقبل بلاده باختيار من يمثله فى البرلمان .
وإلى الذين يلتمسون للشباب الأعذار بالكلام المكرور عن أن الحياة السياسية طاردة لهم ،أهديهم مشهد الجماهير التى تقتحم ستاد مختار التتش لتشاهد تدريبات الأهلى تحت قيادة مدربه الجديد ،بدلا من أن يحتشدوا للإدلاء بأصواتهم ، فهؤلاء ضحية البيت الذى لايربى أبناءه على المسئولية الوطنية وضحايا المدرسة التى لم تعد تقدم تعليما ولا تربية وضحايا إعلام الإثارة الذى لم يعد يعرف من السياسة إلا المظاهرات الخارجة على القانون.