مشهد غير سار لكنه متوقع قد تصدر المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، وهو عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة فى عملية إتمام الاستحقاق الثالث لخارطة المستقبل !
ولكن لا يجب أن ندع هذا المشهد المؤسف يمر مرور الكرام دون أن نتوقف أمامه بالتحليل والبحث الجاد عن الأسباب جملة وتفصيلا.
أرى من وجهة نظرى المتواضعة جملة أسباب لعبت دور البطولة فى ما حدث أهمها :
أولاً: انعدام الثقة لدى المواطن فى جميع النخب والنشطاء والسياسيين الذين لم ير منهم خيراً للبلاد على الإطلاق، (ضجيج بلا طحين) هذا فيما يخص الأسماء والوجوه المألوفة إلى حد ما .
ثانياً: هذا الكم الهائل من المرشحين الذين لا يعلم عنهم المواطن أى معلومات مؤكدة، فى حال إن عرف أسماءهم أساساً !
مرشحون بلا هويات ولا برامج محددة، حتى وصل الأمر بأحد المرشحين فى إحدى اللقاءات التليفزيونية عندما سألته المذيعة عن برنامجه الانتخابى، فكانت الإجابة ( لا يوجد ) !!
فبما أن الطناش وتكبير الدماغ وصل إلى هذا الحد من قِبل النائب المحتمل، فماذا ننتظر إذاً من الناخب الذى استمد الاستهانة والاستكانة وتكبير الدماغ من مثل هذه النماذج المحُحبِطة من المرشحين !
ثالثا: خريطة توزيع الناخبين الجهنمية التى قامت بها لجنة الانتخابات والتى كانت القشة التى قسمت ظهر البعير !
لا أدرى من المسؤول عن هذه المهزلة فى توزيع الناخبين على لجان الاقتراع بهذه العشوائية الشديدة؟
فعلى سبيل المثال: تجد أفراد الأسرة الواحدة التابعة لدائرة انتخابية واحدة وعنوان واحد بالبطاقة الشخصية، مشتتين فى عدة لجان مختلفة متناثرة فى أماكن بعيدة عن بعضها البعض، مما يزيد العبء ويضاعفه!
ألم يكن من الأفضل أن كل من له نفس محل السكن يتم توزيعه على نفس اللجنة الانتخابية مما يسهل الأمر ويجنب أفراد الأسرة الواحدة هذه المشورة التى ربما تكون سبباً جوهرياً فى تجنب المعاناة والجنوح إلى السلبية؟
"صوتى مش هيفرق" وهذا لسان حال الكثيرين وما يحاول به المواطن طمأنة ضميره !
وقد كانت هذه الشكوى متصدرة لتبريرات قطاع كبير ممن عزفوا عن المشاركة درءاً للمشورة والبهدلة .
أما عن تجربتى الشخصية فى هذا الشأن: فأنا من سكان مدينة السادس من أكتوبر فى أحد الكومباوندات الشهيرة على طريق الواحات، وقد اعتدت حسب التوزيع الجغرافى والعنوان والقسم الذى أتبعه الانتخاب طيلة أربع سنوات فى الحى المتميز بمدرسة معينة، لكننى فوجئت هذه المرة بتغيير غير منطقى أطاح بلجنتى إلى الحى السادس الذى يبعد كثيراً جداً عن ما كان بالإضافة إلى أنه أكثر أحياء المدينة عشوائية وصعوبة فى الوصول لأى مكان بداخله !! فى حين ظل باقى أفراد الأسرة فى لجانهم المعتادة فى السابق، على الرغم من وجود نفس العنوان على بطاقات الرقم القومى،! وهذه الرواية الشخصية قد سمعت مثلها من عدة أسر مختلفة وفى دوائر مختلفة !
فإذا كان هذا الإحباط الذى انتابنى وموجة السخط والعناد التى كادت أن تفقدنى صوابى وتلحقنى بصفوف الممتنعين عن التصويت فى لحظة غضب من العشوائية وانعدام المنطق الذى يغلف تخطيط وعمل القائمين على هذه المهمة الدقيقة التى قد تتسبب فى ما لا يحمد عقباه وقد تسببت بالفعل، وأنا من قطاع المهتمين والمعنيين بالمشاركة الجادة فى كافة الاستحقاقات وتلبية كافة النداءات الوطنية، لكننى حكمت عقلى واستجبت لصوت ضميرى ونحيت الغضب والانفعال جانباً إلى حين !
وإن كنت قد استطعت التغلب على سخطى واستيائى، فغيرى الكثير ممن لا يقوى على قهر إحباطاته ودواعى تقاعسه !
أناشد السادة المسؤولين عن هذه الأزمة تدارك الأمر ومحاولة إصلاحه لإنقاذ الجولة الثانية من الانتخابات، لعلها تكون أسعد حالاً .
ملحوظة: ليس للرئيس حزب ينتمى إليه ولا قائمة يدعمها ولا مرشحين بعينهم، لذا فلا داعى للمزايدات والادعاءات التى يطلقها دون فهم أو إدراك بعض الشامتين للإشارة إلى تضائل شعبية الرئيس !
ما علاقة الإقبال على صناديق الاقتراع بشعبية الرئيس؟
العلاقة المباشرة بين المرشح والناخب الذى لم يعر أحدهما الآخر أى اهتمام أو تقدير !
حظاً أوفر فى الجولة الثانية بشرط تدارك الأخطاء ومحاولة إصلاح العلاقة بين الناخب والنائب المحتمل ووساطة وسائل الإعلام بينهما دون تقاضى أجر عن ظهور المرشحين على الشاشات، مما يحرم البعض من تلك الفرصة نظراً لعدم توافر الإمكانات المادية التى تتوافر لغيرهم من المرشحين .