إذا كنا نعيش فى انتظار السعادة، فهل نحن فى انتظار ما لا يجىء؟ وإذا كنا نعيش أزهى تجليات الملل فهل نحن كائنات طبيعية؟
اللا سعادة أو اللامبالاة أو الملل، كلها تنويعات للحن واحد، والنشاز فى كل شىء أصبح هو الشىء الطبيعى الذى أصبح للأسف عاديا، والدفء هو الإحساس المفقود فى ملعب الحياة والوعى، هو الهدف الذى لا نجيد إحرازه، فالحياة تلعب بنا والسعادة تعالت علينا أو فقدناها بإرادتنا أو دون وعى، ورغم ذلك فنحن نواصل دورة الألعاب اليومية الصعبة مع العجز الكامل عن إحراز الهدف الغالى، وهو التحقق، والتحقق جالب للسعادة.
ربما لا نمتلك مهارة فن اكتساب السعادة و وربما ساهمت التكنولوجيا فى الشقاء والاغتراب، رغم كل التيسيرات والتسهيلات، ورغم أنها جعلت العالم على أطراف أصابعنا وعلى مرمى البصر، وفى المقابل أخرجت العواطف الحقيقية لتصبح «أوت» خارج ملعب الحياة، ربما كانت الظروف الاقتصادية، ربما كان المناخ العام، ربما سيادة ثقافة الزحام والسلبية والبقاء للأسوأ.
ربما كل ذلك معا أخرج السعادة من الحياة بالكارت الأحمر، فأصبحنا نعيش كالآلة بلا روح بلا متعة حقيقية، نؤدى بلا اتقان ونطبق قواعد الاحتراف، ولكن فى الانحراف بأشكاله المختلفة المتباينة، وكأن ما فيش ولا أحلى ولا أروع ولا أجمل ولا أسعد ولا أفضل من كده، وفى كل مباراة يومية لا نحصل على الفوز بالتحقق وبالسعادة ودائما نشعر بالهزيمة أو أننا أقرب إليها، ولن نصل إلى نتيجة التعادل.
وكيف نشعر بالسعادة ونحن نفتقد روح الفريق واللعب الجماعى، ونهوى الوقوع فى منطقة جزاء الفردية للحصول على هدف، واللاعب مهما كان ماهرا فلن يحقق الفوز وحده أو ضمن تشكيل فريق عشوائى يضم فى حراسة المرمى، الأساسى والاحتياطى، الجهل والفساد، والجهل أعمى وإذا جاء الجهل استقوى الفقر والفساد يحرز أهدافا مؤكدة تؤدى إلى الحقد واللامبالاة والتطرف والغليان والتوهان، واجتماع هذا الثلاثى غير المرح والمرعب يؤدى حتما إلى الهزيمة بجدارة، خاصة فى ظل عدم وجود خط دفاع قادر على مهاجمى وهدافى الفساد، الذين يمتلكون مهارات عالية فى التهديف والتسديد والترقيص وجميع فنون الألعاب.
عندما يكون تشكيل خط الوسط ضائعا، لأن الطبقة الوسطى تآكلت، وأصبح هناك طبقات فقيرة وأخرى أشد فقرا وطبقات ثرية وأخرى أكثر ثراء جدا، واختلطت معالم الأشياء واختلط الطمع والطموح، واهتزت الأرض الصلبة للمجتمع، وكأننا نذهب للهزيمة مختارين، أو كأنها كتبت علينا بفقدان التوازن والاتزان وتآكل الوسط بفعل عوامل التعليم للتربية والتعليم والثقافة المستنيرة التى خرجت ولم تعد.
وإذا كانت الخطوط الأساسية مهلهلة، فلن يكون هناك خط هجوم، وسيظل كل مهاجم ماهرا فى الاتجاه الصحيح ينتظر تمريرة صحيحة لا تأتى، ورغم هذه النتائج والمباريات المجهدة والمهارات المفقودة واللياقة البدنية والنفسية الضائعة أو المجهدة، فإننا لا نحرز أى تقدم نحو الأدوار النهائية أو المربع الذهبى للحصول على «كاس السعادة»، وإذا جاءت السعادة للحظة نحتسبها «تسلل».