كان الرئيس الأمريكى ويلسون فى اجتماع مع أعضاء الحكومة، وخرجوا جميعا من الغرفة وتركوا اللمبات مضاءة، وتوقف الرئيس وعاد إلى الغرفة وحده، ومد يده وأطفأ مفاتيح الكهرباء، ووجه كلامه لمرافقيه «الاقتصاد يغنى عن السؤال».
الاقتصاد هنا هو التوفير والقدرة على إدارة الموارد، ولهذا كان اسم الاقتصاد السياسى تمييزا له عن «الاقتصاد المنزلى»، بل أن الاقتصاد المحلى يفترض أن يدار بطريقة حديثة عن الاقتصاد المنزلى.
يعرف المصريون كيف كانت الأسر المصرية من الطبقة الوسطى تدير حياتها بدخول قليلة تجيد توظيفها، كان الفلاح المصرى فى الريف يعتمد على ما تنتجه الأرض، ويستخدم عيدان «حطب القطن» وقش الأرز وحتى روث الحيوانات فى إشعال الأفران البلدية للخبيز والطبخ وتسخين المياه. وكانت بقايا الطعام يتم إطعامها للطيور فى المنزل التى تمثل هى نفسها جزءا من اقتصاد الأسرة ودخلها. كانت نسبة المخلفات فى المنزل «صفر» تقريبا، ولم تكن هناك مشكلة السحابة السوداء أو غيرها. لأنها تحرق على مدى شهور العام، وتستغل فى توليد الطاقة. بالطبع فإن الاقتصاد الحكومى أو السياسة أكثر تعقيدا من الاقتصاد المنزلى، لكنه يخضع لقوانين متشابهة، تتعلق بإدارة الموارد.
ما علاقة كل هذا بما يبدو أزمة اقتصادية ونقص فى العملات والدولار وارتفاعات فى الأسعار، قلنا عن محاولات هشام رامز محافظ البنك المركزى للسيطرة على ارتفاع الدولار بالسوق السوداء، كانت رفع سعر الدولار بالبنوك، لكن بقيت السوق السوداء أكثر تحكما. وتمت عمليات سحب للدولار والعملات، لتمويل الاستيراد لسلع ترفيهية واستهلاكية، وكانت مطالب رامز وعدد من رجال الاقتصاد هى ضبط الاستيراد، والاكتفاء بتمويل الأنشطة الضرورية. مع فرض جمارك على السلع الترفيهية لتعويض الاحتياطى الذى يتآكل فى تثبيت الجنيه أمام الدولار.
السوق المحلية عرضة لكل أنواع السلع المستوردة، وبعضها متوفر محليا، وهناك فلاحون اشتكوا من تدنى سعر توريد القمح بينما يتم إنفاق الدولار للاستيراد، والسكر نفس الأمر، فيما يبدو أن هناك غيابا لفكرة الاقتصاد، والإنفاق الحكومة جزء من هذه السياسات التى تستعصى على الضبط، وهناك أمثلة كثيرة على هذا الإهدار.
بالعودة إلى الدولار والجنيه، فإن استمرار الاستيراد سيجعل الجنيه فى مهب الريح، خاصة مع تراجع الأنشطة الاقتصادية والصناعية والتصديرية. وهو ما يجعل الميزان التجارى مختلا. وحتى لو نجح البنك المركزى فى تثبيت العملة لفترة، سوف تتكرر الأزمة. والأمر يحتاج إلى حكومة تفكر معا لإدارة الاقتصاد ومواجهة الاستيراد الزائد والترفيهى، وهو أمر يحتاج لحملة وعى، وقبلها أن تقدم الحكومة نموذجا لضغط النفقات، فى الإنفاق والمستشارين الزائدين والسيارات والطاقة. وأن تعمل معا وليس كجزر منعزلة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدهشوري
لمن يهمــه الأمــر ________________الطباعة على الورق
عدد الردود 0
بواسطة:
الاستاذ احمد اقتصادى
اى اقتصاد دة واحنا بنستورد ب 100 مليار جنية فى السنة سلع استفزازية واملهاش اى لازمة