بدأت أمس الكتابة عن كتاب «الأغانى الممنوعة للأبنودى»، تأليف الكاتب والشاعر الصديق محمد العسيرى، وأستكمل.
ظل اسم «الأبنودى» جواز مرور لأى مطرب يشق طريقه للنجاح، أما الناجح والمشهور فسيضيف شعر الأبنودى الغنائى له قيمة أعمق بجمال الكلمة والصورة الشعرية، ووعى عبدالحليم حافظ بكل قوته وجمال صوته هذه الحقيقة، والشاهد إصراره على اختطاف الأبنودى بعد أن قدم لمحمد رشدى قنبلته الغنائية «تحت الشجر يا وهيبة» عام 1962.
فى مسيرة الأبنودى الشعرية تحضر السياسة، ويحضر النضال، وتحضر السلطة، ويحضر الاعتقال، ومن كل هذا تتجلى حقيقة أن الشاعر يفرض نفسه بموهبته، بموقفه من ناسه وأرضه، ومن قيم الحق والخير والجمال، والأبنودى نموذج، تغتاظ أحيانًا من موقفه السياسى، لكنه يفاجئك بقصيدة تزلزل، فتمسح ما أغضبك منه سياسيًا، وهو فى ذلك ممن ينطبق عليهم وباقتدار مقولة «القصيدة هى سيرة الشاعر»، وأعتقد أن هذا باب يمكن الدخول منه لفهم سياق «الأغانى الممنوعة للأبنودى» بتأريخ «العسيرى».
سنعرف فى الكتاب عشرات الأغنيات الممنوعة، ولكل منها قصة، من زمن عبدالناصر الذى دخل فيه شاعرنا العظيم المعتقل ستة أشهر، ومع ذلك لم يفارقه حب الزعيم، ثم زمن السادات الذى عارضه الأبنودى معارضة شرسة، إلى زمن مبارك بكل استبداده وفساده.
فى «سيرة المنع» سنعرف أنه فى عام 1968 كان هناك مسلسل اسمه «الفلاح»، وكانت هناك مطربة اسمها عزيزة عمر، كتب الأبنودى لها وللمطرب محمد حمام 24 أغنية، ولحنها إبراهيم رجب لتقديمها فى المسلسل الذى أخرجه إبراهيم الصحن، وبعد إذاعته طالت سيوف المنع الأغنيات والمسلسل والمطربة، أما محمد حمام فهو صاحب الجولات الكبيرة والرائعة مع الأبنودى، فمن صوته سمعنا «بيوت السويس»، و«جدف يا مراكبى»، و«آه ياليل»، و«طاب العنب»، لكن هناك أغنيات أخرى له لا نعرف مصيرها، مثل «قولوا لعين الشمس ماتحماش/ إلا غزال البر صابح ماشى»، و7 أغنيات ضمن 14 أغنية فى مسلسل «شفيقة ومتولى» تم حذفها رغم تسجيلها، وتكرر الأمر نفسه ولكن مع فيلم «شفيقة ومتولى» بصوت أحمد عدوية، والذى لم يكتمل مشروعه مع المخرج سيد عيسى.
فى سيرة المنع توجد 15 أغنية لفلسطين كتبها لـ«إذاعة فلسطين» وقت بثها من القاهرة، وأغنيات لمسلسل «المعذبون فى الأرض» قصة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، وتم منعه لأن رئيسة التليفزيون رأت وقتها: «فقرا إيه ومعذبين إيه فى عصر مبارك؟»، وأغنيات أخرى نعرفها من الكتاب.