فى الوقت الذى لم يخجل فيه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وهو فى حضرة قادة العالم، من مجافاة الحقيقة عندما قال إن بشار الأسد هو الوحيد الذى يقاتل "داعش" فى سورية واضعاً السوريين أمام البراميل المتفجرة من ناحية وداعش من ناحية ثانية وعليهم اختيار الطريقة التى يفضلون بها إنهاء حياتهم، وفى الوقت الذى تتبارى فيه الدول الكبرى خلال اجتماعها بالأمم المتحدة لتصنيف الدول والجماعات على حساب مصالحها فتضع هذا فى قائمة الإرهابيين، وذاك ضمن المعتدلين، وتلك فى فئة المتعاونين، وفى الوقت الذى حركت فيه روسيا جنودها كقطعة الشطرنج لضرب أهداف وقواعد فى سوريا، وفى ظل قلة حيلة العرب وعجزهم عن مواجهة أزماتهم وجهت الرئيسة الأرجنتينية كريستينا فرنانديز دى كيرشنر صفعة إلى كل المتاجرين بأوطننا والمتأمرين على شعوبنا، ولم يجد كبار المسئولين فى الأمم المتحدة حلاً لمواجهة صرخة وصراحة كريستينا سوى قطع الترجمة والبث عن كلمتها، متعللين بذلك بعطل فنى كالعادة فى مثل هذه الأزمات.
فقد كشفت كريستينا عن المزاجية والأهواء ومصالح الكبار فى اتخاذ القرار عندما قالت اجتمعنا منذ عام وکنتم تعتبرون نظام الأسد "إرهابياً"، وکنتم تدعمون المعارضة وتعتبروهم "ثوارا"، والیوم نجتمع للجم "الثوار"، ثم اجتمعتم فى وقت سابق وأعلنتم إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب وبعدما تبین أنكم فى حاجة إليه جعلتموه من الملائكة بعدما كنتم تعتبرونه من الشياطين. كذلك الأمر بالنسبة لإيران، كما اجتمع قادة العالم أصدروا قرارا بمحاربة القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر واستبیحت بلاد وقتل أهلها تحت وطأة هذا القرار مثل العراق وأفغانستان ومازالت هاتان الدولتان تعانیان من الإرهاب بالدرجة الأولى وكأن الحرب كانت لتقوية وتعزيز التواجد الارهابى وليس القضاء عليه، ورحبتم بالربیع العربى ودعمتموه فى تونس ومصر ولیبیا وغیرها، ثم أوصلتم الإسلام المتشدد للحکم فی هذه البلدان بقراراتکم ومبارکتکم، وكأنكم تفعلون الشىء ونقيضه فى نفس الوقت لاستمرار الصراع.
كما اتضح من خلال القصف على غزة فداحة الکارثة التى ارتکبتها إسرائيل وموت العدید من الضحایا الفلسطینیین ولكن لم يهتم أحد بهؤلاء الشهداء بینما اهتممتم بالصواریخ الورقية إلى سقطت على إسرائيل والتى لم تؤثر أو تحدث خسائر فى دولة الكيان الصهيونى. والیوم يجتمع العالم لإصدار قرار دولى حول تجریم داعش ومحاربتها، مع العلم أن داعش مدعومة من قبل دول معروفة لدى الجميع، ولكن المصلحة تقتضى هذا التغير.
حديث كريسيتنا صفعة من الشعوب الثكلى والمواطنين الغرقى على وجوه قادة العالم الذين يغيرون مواقفهم كأنهم يغيرون بذاتهم، الذين يغيرون تصنيف الدول والجماعات حسب حجم قطعة التورتة التى يحصلون عليها على حساب الشعوب والأوطان.
لقد أصبح الصراع الأمريكى الروسى للهيمنة على المنطقة، وتقسيمها إلى كانتونات على غرار (سايكس بيكو جديد) مكشوف ومفضوح بعدما دقت طبول الحرب فى أرض العرب بحجة القضاء على تنظيم داعش، ومحاربة الإرهاب، دون أن يسأل أحد من الذى صنع هذا الإرهاب وصدره للمنطقة؟ أليست أمريكا وروسيا أثناء صراعهما فى أفغانستان فى ثمانينيات القرن الماضى.
إذا كانت روسيا تريد تحويل الأنظار عن أزمتها فى أوكرانيا ومواصلة سطوتها وحلمها فى ترسيخ قواعدها فى المنطقة، وتصًر أمريكا على تحقيق مصالحها فإن تمسك بشار بالحكم يفتح لهما الطريق للسيطرة على البلاد، حتى لو قُتل كل السوريين بالبراميل المتفجرة أو ذبحاً على يد الدواعش أو غرقاً فى البحار، المهم أن يبقى بشار رئيساً ولو للجثث المدفونة فى تحت الركام.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة