انتهت المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان، ومع انتهائها تحطمت أصنام كثيرة فى الحياة السياسية، وظهرت قوى لم تكن موجودة فى السابق، وعادت أحزاب إلى الحياة بعد أن دخلت فى غيبوبة طويلة بفعل عوامل ليس الآن مجال الاستفاضة فيها، واتضح للجميع أن تراجع عدد المشاركين فى الانتخابات عمومًا لم يكن عائقًا أمام ظهور الواقع السياسى الجديد، والتحولات الحزبية المصرية.
مع انتهاء المرحلة الأولى تحطمت أصنام التيارات الإسلامية المتطرفة التى دخلت الحياة السياسية بأقنعة «التقية» للسيطرة على البلاد من خلال القنوات المشروعة مرة واحدة، وإلى الأبد، فهم يستخدمون المراكب الديمقراطية للعبور إلى جزيرة السلطة، وعندما يصلون بخداع الشعب يحرقون المراكب، ويحاصرون الشعب، وهو ما حدث ويحدث فى جميع التجارب التى صعدت فيها التيارات المتطرفة إلى الحكم.
لم يعد الإخوان بالطبع يجرؤون على الحديث عن سيطرتهم على الشارع، أو يتطاوسون بأنهم لو رشحوًا طفلًا فى أى دائرة انتخابية سيفوز بفعل الحشد والتصويت بالأمر الذى يتبعونه مع أنصارهم، ولم يعد السلفيون كذلك يجرؤون على ترديد نفس الخطاب، وقد كانوا يعتمدونه بغرور كبير حتى ما قبل جولة الإعادة، فخطاب قيادات حزب النور كان يكرر دائمًا أنهم أكبر حزب فى مصر، والقادر على تحقيق الأغلبية.
قائمة «فى حب مصر» استطاعت حسم الموقف لصالحها، وضمان 60 مقعدًا فى المرحلة الأولى، وتنافس على 60 مقعدًا آخر فى المرحلة الثانية، ولو حدث ستكون أهم تكتل حقيقى فى البرلمان يمكنه حسم الكثير من القضايا والقوانين، خاصة أنها تتحالف مع كتلة لا بأس بها من مستقلين وحزبيين ضمنوا تمثيلًا محترمًا فى البرلمان.
فوز حزب المصريين الأحرار بالعدد الأكبر من المقاعد أمر متوقع، نتيجة لما بذله الحزب على الأرض من نشاط سياسى ودعائى مكثف، ودراسة المرشحين جيدًا، واستقطاب المرشحين أصحاب الشعبية الحقيقية فى دوائرهم.
الحصان الأسود فى هذه الانتخابات هو حزب مستقبل وطن الذى حل ثانيًا من حيث عدد المقاعد بعد المصريين الأحرار، أما عودة حزب الوفد العريق للمنافسة بقوة فى المرحلة الأولى، وحصد أكثر من 15 مقعدًا حتى الآن وفق آخر المؤشرات، فهو إنجاز كبير للحزب الذى تهددته الانقسامات والخلافات حتى بات هناك أكثر من فصيل يعلن أنه يمثل الحزب، وهو بالطبع ما لا نتمناه لحزب صاحب تاريخ كبير ومشرف فى الحياة السياسية المصرية.