يقول الرئيس الأمريكى أوباما، إن واشنطن ستواصل دعم «المعارضين السوريين المعتدلين»، ويقول الكاتب فهمى هويدى فى مقاله أمس بالزميلة الشروق: «لا نستبعد أن تتقارب فصائل المقاومة من بعضها البعض لتصطف فى مواجهة العدو المشترك الذى قدم لحماية الخصم الأصلى المتمثل فى الأسد ونظامه».
من فضلك اقرأ مقال «هويدى» كاملا وضع خطا تحت كل كلمة «مقاومة» فيه، ثم اسأل ما شئت، لكن لا تنس سؤالا: «عن أى مقاومة يتحدث؟، ولماذا لم يصف التنظيمات التى يلمح لها ولا يذكرها بالاسم بأنها إرهابية؟، وبالمرة افترض هذا السؤال: ما هو الفرق بين ما يذكره كاتبنا الكبير وبين ما يذكره «أوباما»؟
يبدو أن الفرق يأتى فقط من «فضاء اللغة» ليس أكثر، فالرئيس الأمريكى يرى فى غير «داعش» معارضة معتدلة، فى حين يراها «هويدى» «مقاومة»، وفى مفهوم «الاعتدال» الذى تضحك به علينا أجهزة المخابرات المعنية بفتك سوريا، سنرى أنهم يقصدون به إرهابيين آخرين «أكثر رقة من داعش»، أى أنه بدلا من قطف «البغدادى» للرؤوس علنا، الأفضل أن تتطاير جثثهم فى عملية إرهابية على طريقة «قاعدة الظواهرى» وفرعها فى سوريا «جبهة النصرة».
ما هذا الاستخفاف بعقولنا الذى سمحنا لمروجيه منذ البداية بمحاولة إقناعنا، بأن القتل بالبندقية أكثر لطفا ورقة من القتل بالصاروخ؟، وأن «المعتدلين» الذين يتلقون التدريب على أيدى المخابرات الأمريكية وحلفائها لا يختلفون فى مقاصدهم الدنيئة عن مقاصد «داعش»، هكذا تريد إقناعنا أمريكا وتركيا وقطر وإسرائيل، هكذا ينشط البعض فى تنصيب أمريكا ومخابراتها كراعية لنضال المشتاقين إلى العدل والحرية.
ومن نفس بيت القصيد، أسأل الأستاذ فهمى هويدى: «عن أى مقاومة يتحدث فى سوريا؟، وإذا كان غضبك هائلا مما فعله الروس بشن غارات جوية فى سوريا لأنه «غير قواعد اللعبة» و«فكرة إسقاط بشار باتت مستبعدة»، فلماذا لم توزع هذا الغضب بالتساوى على كل الأطراف الإقليمية والدولية التى تمزق الدولة السورية وأراضيها بتقديم كل ألوان الدعم للإرهابيين؟
حين قرر محمد مرسى وقت أن كان رئيسا قطع العلاقات مع سوريا، واحتشد مع أنصاره فى مؤتمر بـ«استاد القاهرة داعيا لـ«الجهاد والتطوع» لإسقاط نظام بشار، كان الأستاذ فهمى يكتب عن «تقسيم سوريا» باعتباره الخيار المر لكنه «الواقعى»، وهاهو يسقينا نفس فكرته ولكن بتعبيرات مغايرة يدعونا بها لأن نعدم عقولنا فنعتقد كما يعتقد أن «الإرهاب» فى سوريا هو «مقاومة».
