نصر 6 أكتوبر يعد من أهم روافد التدين والتضحية والوطنية والفداء والرجولة فى السبعينيات وإحياء الموات فى الشعب المصرى وهو الذى ضخ فى شرايين مصر روح العزيمة وحب الشهادة فى سبيل الله والبذل والفداء وحب الأوطان والأمل فى غد أفضل، بعد أن كادت هذه المعانى أن تندثر.. لقد تملك اليأس مصر كلها بعد نكسة 5 يونيو 1967 ولكن حرب الاستنزاف بدأت فى بث الروح من جديد.. ولكن نصر أكتوبر هو الذى أحيا هذا الشعب مرة أخرى بعد أن كادت عزماته أن تموت.. وهو الذى أعاد الثقة إلى هذا الشعب فى نفسه وشعبه وجيشه وملكاته وإمكانياته. والمتأمل لتاريخ مصر الحديث لن يجد فى أيامها أجمل وأفضل منها.. فقد مرت أيام الحرب كلها دون أن تسجل محاضر الشرطة جريمة سرقة واحدة ولم تسجل محاضرها مشكلة أو خناقة أو حادث تعدٍ فى مصر، وهذا لم يحدث فى تاريخها سوى أيام معدودة أثناء ثورة 25 يناير. نصر أكتوبر ملك للجميع.. صنعه السادات والشاذلى والجمسى وأبوغزالة وعبد المنعم خليل ومحمد عبد القادر حاتم. صنعه الجندى الصغير والقائد الكبير.. صنعته كل الأسلحة دون استثناء. صنعه الشهداء الذين لا يذكرهم أحد.. ولكن الله يعرفهم ويعرف قدرهم وهو الذى اصطفاهم للشهادة.. ولا يضرهم ألا يعرفهم البشر وألا تكتب عنهم الصحف. نصر أكتوبر ملك للمشير الزاهد أحمد إسماعيل الذى كان وقتها وزيراً للحربية.. فمات بعد الحرب بقليل فلم يذكره أحد.. وأهال مبارك التراب عليه رغم أنه لا ينافسه فى شىء من الدنيا. هذا النصر ملك للفريق عبد المنعم رياض ذلك العسكرى الفذ الذى نقل العسكرية المصرية من مدرسة الدفاع إلى الهجوم والمبادأة حتى أطلق عليه لقب «الجنرال الذهبى». وهو ملك للواء الفاتح كريم الذى اقتحم جبل المر واللواء عادل يسرى الذى حارب بساق مبتورة 8 ساعات.. والذى يحتفظ بها حتى اليوم والمقدم باقى زكى المسيحى صاحب فكرة هدم خط بارليف بمدافع المياه واللواء الحسينى عبد السلام الذى أحضر الطلمبات الألمانية التى دمرت الساتر الترابى واللواء مجدى شحاتة الذى قضى 200 يوم خلف خطوط العدو لقطع الإمدادات عنه والأسد إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 قتال التى أذلت الإسرائيليين واللواء شنن. وهو ملك لكل من ساهم فيه بدءًا من الفريق المسيحى فؤاد عزيز غالى قائد الفرقة الثانية التى أسرت اللواء عساف ياجورى ودمرت مدرعاته.. وانتهاءً بالأم التى ضحت بوليدها فى الحرب.. أو الأب الذى احتسب ابنه شهيدا فى أكتوبر. وملك لشعب السويس البطل وقائده الشيخ «حافظ سلامة» رمز الصمود الشعبى فى عملية تحرير السويس إلى جوار الفرقة 19 بقيادة الفريق عفيفى والفرقة 7 بقيادة المشير أحمد بدوى. وهو ملك أيضا للفريق فوزى الذى تحمل عبئاً كبيراً فى تجهيز الجيش المصرى للحرب وإعادة تأهيله بعد كامل تدميره فى 5 يونيو 1967م.. فكيف يقصى لخلافة السياسى مع السادات.
إن التاريخ العسكرى لا يمحوه الخطأ السياسى حتى وإن كان فادحا فلا يقصى منه أحد حتى مبارك الذى أقصى الآخرين من نصر أكتوبر.. وعلينا أن نفرق بين مبارك قائد الطيران ومبارك الرئيس الفاسد. لقد قضينا ثلاثين عاماً فى خصخصة وشخصنة لحرب أكتوبر بحيث تكون قاصرة على مبارك وحده. واليوم نريد أن يعود نصر أكتوبر للشعب المصرى كله. إننا نود أن يكون هذه الأيام أياما للألفة والمودة والتسامح بعيداً عن الصراع السياسى.. لا نريد أن ندخل الأعياد الوطنية أو الدينية فى الصراع السياسى حتى لا يفسد فرحتنا بمثل هذه الأيام.. دعونا نحمل ذكرى جميلة نعيش بها ولها وعليها.. دعوا لنا الأعياد لو سمحتم.. فهل هذا كثير على هذا الشعب المسكين؟