التاريخ وحكاياته، والواقع وأحداثه، والإمبراطوريات والدول بقيامها وسقوطها، يؤكدون وجود المؤامرات والمخططات التى تستهدف الآخر الضعيف لصالح المُخطِط الأقوى.
نعم لا تكتمل المؤامرات بغير اختراق الخطوط الضعيفة، واستغلال المواقع المكشوفة، والعمل على تعميق المشاكل واستهداف واستغلال العملاء تحت كثير من المسميات.
نعم لا تنجح المؤامرة إلا نتيجة للفشل فى رصدها، وعدم التوفيق فى مواجهتها، نظراً للتفكك والتشرذم الذى لا يحمى النظام ولا يصون الدولة من الانهيار. وقد وضح جلياً دون مواربة وبكل العلانية فى غياب الوعى الجمعى العربى أن مؤامرة إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط على أسس طائفية لصالح أمريكا والغرب والصهيونية قد أخذت طريقها للتطبيق العملى، وذلك منذ احتلال العراق للكويت، فتم إعلان ما يسمى بصراع الحضارات، مروراً بإعلان النظام العالمى الجديد، وصولاً لتنفيذ الفوضى الخلاقة والتى بدأت باحتلال العراق وتقسيمه وصولاً لسوريا وليبيا واليمن.
ونحن الآن نعيش ونشاهد مشاركة بعض دول المنطقة بأدوار مرسومة لها ونرثى لحالة الصمت والسلبية التى يمارسها البعض الآخر، وكأن الجميع ينتظر العام المقبل حتى يتم إعلان سايكس - بيكو الجديدة احتفالاً بالمئوية الأولى لسايكس - بيكو 1916، ولا شك فإن سقوط مصر كان ولا يزال هو الجائزة الكبرى لهذا المخطط الملعون، فكما هو معروف أن هبة 30 يوليو قد أوقفت سير هذا المخطط وإفشال استكماله وتنفيذه فى مصر، خاصة بعد إسقاط نظام الإخوان الذى قدم أوراق اعتماده وكيلاً لهم فى مصر، ولذا فمن الطبيعى أن نكون واعين ومدركين جيداً أنه لا ولن يتركوا مصر ونظامها حتى تستعيد قوتها ودورها العربى والإقليمى. ولذا نرى كم التحديات والمواجهات الموروثة والمختلقة التى يساهم فيها العملاء على كل المستويات خاصة نظراً لتلك الظروف والمشاكل والمعوقات الموروثة منذ عدة عقود، إضافة للسنوات الخمس الماضية التى أنتجت الفوضى وعمقت المشاكل، واستهدفت سقوط الدولة.
وهذه التحديات لا زالت تمارس من خلال محاصرة النظام خارجياً باستغلال ملف حقوق الإنسان، والمطالبة بالمصالحة مع الإخوان، ناهيك عن الممارسات الإرهابية التى لازالت تتشكل بصور متعددة ومتنوعة، تماشياً مع الحصار الأمنى لهم فى سيناء وفى الداخل. واستغلالاً للظروف الاقتصادية المتراكمة والموروثة والتى تتمثل فى عجز الموازنة، وزيادة الدين الخارجى والداخلى، وتآكل الاحتياطى النقدى الأجنبى نتيجة لأزمة البترول العالمية، وانخفاض عائد العاملين بالخارج، وضعف السياحة. وجدنا ذلك الموقف الواضح من الانحياز، والظاهر من التحيز ضد مصر فى حادثة سقوط الطائرة الروسية.
وجدنا ذلك الموقف الذى يستهدف بشكل واضح محاصرة وإسقاط الاقتصاد المصرى بضرب السياحة التى تمثل أهم موارد النقد الأجنبى، خاصة فى ظل تآكل رصيده هذه الأيام. مع العلم بأنه حتى لو كانت الحادثة نتيجة عمل إرهابى فهل ادعاء هذه الدول محاربة الإرهاب يجعلها تأخذ هذه القرارات المتعنتة وغير المسبوقة، أم أن هذا كان يجب أن يكون حافزاً لها لمساعدة مصر والوقوف بجانبها لمواجهة هذا الإرهاب؟ ولماذا هذا الموقف الذى لم يتكرر مع كثير من أمثال هذه الحادثة؟ ولذا فمصر تواجه الآن أهم وأخطر المواقف والمخططات التى تستهدف إسقاطها.
مصر فى خطر، وتنادى أبناءها، فمصر الدولة غير النظام، ومصر أكبر من الجميع، والاختلاف مع النظام فى ظل هذه الظروف لا يبرر التفرقة والتقاعس والانزواء، فلنهب جميعاً يداً واحدة ونسقط كل خلاف، ونأجل كل تناقض، حتى نصد هذه الهجمة ونسقط هذا المخطط الذى سندفع ثمنه جميعاً. جميعنا مطالب بالحشد ودفع الثمن أياً كان قدره حتى تظل مصر حصناً وملكاً لكل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة