فجأة فوق أرض مدينة السلام، رصد الطيار بعينه المجردة صاروخا يقترب من طائرته المدنية التى تقل 189 راكبا إنجليزى الجنسية، ألقى نظرة سريعة على شاشات الرصد داخل الكابينة فوجدها تعمل بكفاءة، وتابعت عيناه تلك النقطة حمراء تقترب، مع ارتفاع صوت متقطع يصدر كرنين مقيت من أجهزة الإنذار، ربما كان هذا الصوت آخر ما كان يتمنى أن يسمعه فى تلك اللحظات التى تمر عليه كشهور بل كسنوات، بل كان تمر عليه كالدهر !!
هو يعرف جيدا معنى تلك النقطة الحمراء التى تقترب، كما يعرف وبكل يقين معنى ذلك الصوت التحذيرى الذى تصدره أجهزة الإنذار، فالمحصلة الآن، أنه لم يعد أمامه اختيار، لابد من اتخاذ قرار حاسم وبسرعة، قرار يتوقف عليه مصيره ومصير الطاقم، ومصير الطائرة بأكملها..
أخذت عيناه تتسع بينما أمسكت يداه بأحد الأذرع الآلية ليقرر الضغط بشكل مباشر على ذلك الزر الأزرق فى مقدمه الذراع لتحول التحكم كاملا فى قبضته بعيد عن وضع الطيران الآلى.. الآن أصبحت الطائرة ومن فيها بين يديه، ومازال الصاروخ يقترب ويقترب ويقترب..
دارت فى تلك اللحظات ذكريات بدايات تعلمه لتلك المهنة التى أحبها كطيار مدنى على أحد أهم الخطوط البريطانية، عن صعوبات وأحلام وطموحات، ولكن عقلة توقف فجأة عن استدعاء الذكريات، وتذكر فقط المصير المحتوم، تذكر أن بين يديه حياة أبرياء وأن الصاروخ أصبح قاب قوسين أو أدنى.
وعلى طريقة حارس المرمى الشهير (رعد) فى مسلسل (الكابتن ماجد) عندما يطير فى الهواء يمينا فإذا بالكره تنحرف يسارا فإذا به يضرب شقلباظ فى الهواء مغيرا اتجاهه ملتقطا الكرة، قرر الطيار أن يضرب بالطائرة المدنية شقلباظ ليناور الصاروخ المندفع وبما أنه فوق أرض مصرية فليستخدم مهارة أبو تريكة ورشاقة بركات ومرونة الحضرى ولكن فى الهواء، كان يعرف أن احتمالات الخطأ لا تعنى إلا شيئا واحدا.. الموت.. والموت فقط للجميع !!
و.. لقد نجحت..
قالها بعد أن شاهد الصاروخ (من شباك كابينة الطائرة) يتجاوز الطائرة إلى غير رجعة..
قالها وقد قفز من مقعده فرحا وهو يعرف جيدا أنه استطاع أن يتخطى مستوى جديدا فى لعبته المفضلة فى الفيديو جيم !
المدهش حقا.. أن هواجسه الشخصية وجدت صدى فى الواقع.. لترسم صورة باهته لواقع أغرب من مغامرات مازينجر !!
محمد منصور يكتب: الطائرة والصاروخ.. خيال غير علمى بالمرة
الخميس، 12 نوفمبر 2015 06:01 م
طائرة بريطانية - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة