بورصة "فيزيتا" الأطباء الكشف يبدأ من 300 جنيه ويصل إلى 1000 جنيه وللعرب بالدولار.. المناطق الشعبية والمستوصفات من 2.5 حتى 40.. وطبيب: مليون جنيه سعر أقل عيادة والأمر عرض وطلب.. و"الصحة" لا سلطة لها

الأحد، 15 نوفمبر 2015 12:40 ص
بورصة "فيزيتا" الأطباء الكشف يبدأ من 300 جنيه ويصل إلى 1000 جنيه وللعرب بالدولار.. المناطق الشعبية والمستوصفات من 2.5 حتى 40.. وطبيب: مليون جنيه سعر أقل عيادة والأمر عرض وطلب.. و"الصحة" لا سلطة لها طبيب
كتبت آية دعبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"تجارة وربح أم تطبيب لأمراض الناس" إلى أيهما صار حال مهنة الطب فى مصر؟.. فقراء غير قادرين على توفير أسعار تذاكر كشف الأطباء الباهظة، قد يجبرهم الحال للاستسلام للمرض الذى ينهش جسدهم، وفى المقابل أطباء يدافعون عن رفع أسعار كشوفاتهم، وفى النهاية يبقى المواطن المصرى واقع بين سندان الفقر ومطرقة الغلاء فى دولة يقبع أكثر من نصف مواطنيها تحت خط الفقر.

قرر محمد التوجه إلى طبيب كبد بعدما شعر ببعض الآلام فى الجزء العلوى الأيمن من البطن، واستمرار ارتفاع درجة حرارته وصداع وفقدان للشهية لعدة أيام، مصحوب باصفرار فى لون الجلد واصفرار بياض العين، بعدما نصحه بعض أصدقائه للاطمئنان من صحة إصابته بفيروس سى من عدمه، لكنه صدم عندما دخل إلى أحد العيادات وطالبته موظفة الاستقبال بدفع قيمة 500 جنيه لحجز موعد أول كشف بعد أسبوعين، فمد يده فى جيبه ليجد أنه لا يملك سوى 300 جنيه فهو فى نهاية الشهر وحاله كسائر الموظفين.

نظرة محمد المحبطة، ترجمتها الموظفة أنه فى حاجة لتوقيع الكشف فى أقرب وقت، فقالت له: "لو حضرتك مستعجل أوى ممكن تقطع كشف بـ1000 جنيه، وأدخلك للدكتور علطول"، وقتها أدرك أن الكشف فى تلك العيادة أمر أشبه بالمستحيل، فابتسم للموظفة وقال لها: "أنا ممن تسمونهم بمحدودى الدخل، فأبلغى تحياتى للطبيب الذى وجد فى نفسه من العلم والجاه ما يمنعه من الكشف عن مرضى".

ومحمود عندما قرر أن يعالج من حساسية الصدر توجه إلى أحد الأطباء المشاهير فى ذلك التخصص، فوجد أن كشفه 300 جنيه مع الزيارة لمرة أخرى كاستشارة، وقتها لم يهتم كثيرا بارتفاع قيمة الأدوية التى بلغت 500 جنيه خاصة وأن أصدقاءه أكدوا له أنه "شاطر"، واستمر على العلاج لفترة لم يشعر خلالها بتحسن، رغم ما صرفه من مبالغ لتجديد الكشف والأدوية، وفى آخر زيارة قرر أن يبحث عن طبيب آخر أقل شهرة من سابقه، والذى وجد أن كشفه لم يختلف كثيرا عنه حيث بلغ 250 جنيها، إلا أن فى تلك المرة فوجئ أنه كتب له أدوية بأسعار لم يتخيلها فكل دواء منهم لا يتجاوز سعره الـ20 جنيها، إلا أن فى تلك المرة شعر بتحسن كبير بتلك العقاقير رخيصة الثمن.

وقد ينظر البعض إلى أطباء السمنة بأن التعامل معهم من باب الرفاهية، إلا أن الأمر بالنسبة لخالد لم يكن كذلك، خاصة لمعاناته من تعب بالعمود الفقرى والذى طالبه الطبيب بخفض وزنه لتقليل الضغط عليه، فذهب مضطرا إلى أحد العيادات فسأل عن المتابعة مع الطبيب وجدها 500 جنيه لـ4 زيارات شهريا لمتابعة نقص الوزن بشكل أسبوعى، ولأنه مضطر قبل بالأمر، وبعد مرور أسبوعين وجد السكرتيرة تحتجزه بالخارج وتمنعه من مقابلة الطبيب قبل دفع قيمة الجلسات التى كتبها له الطبيب فى المرة الأخيرة، وعندما حاول الاستفسار عن كيفية كتابة علاج دون إعلامه بها، أكدوا له أنه لن يتمكن من الدخول إلا بعد تسديد 2000 جنيه ثمن جلستين لتسييح الدهون، والذى أضررته لدفع 500 جنيه لطبيب الجلدية للعلاج من بعض الالتهابات التى تسببت بها الأجهزة والمواد التى تم استخدامها بالجلسات.

وذكر أحد الأطباء، الذى رفض ذكر اسمه، أن كشف الكبد يتراوح ما بين 200 إلى 700 جنيه حسب الدرجة العلمية لكل طبيب وخبرته، مشيرا إلى أن هناك من يغالون لوجود حجوزات بالأشهر لديهم، حتى أن الكشف لديهم قد يصل إلى ألف جنيه، مضيفا:" هناك من يتعاملون مع العرب بالدولار، لأنهم على علم بأنهم لديهم المقدرة على الدفع، أما الأسعار الطبيعية فهى ما بين 200 و300 جنيه، وإذا كان الطبيب يكشف بالموجات الصوتية لابد من تحمل المريض لتكاليفها بالطبع، بجانب أن العديد من العوامل التى تتحكم فى الأسعار كموقع العيادة فى الزمالك أو الدقى أو مصر الجديدة لأن سعر أقل عيادة لن يقل عن مليون جنيه".

وأضاف:" ليس هذا كل شىء، فهناك مصروفات التشغيل، فلا يمكن أن يكون الكشف أقل من ذلك لوجود عمالة وسكرتارية ونظام شيفتات وتجهيزات للعيادة، ففى بولاق أو إمبابة والمناطق الشعبية بشكل عام يصل الكشف بها إلى 70 أو 80 جنيها، حتى إذا كان الطبيب حاصل على أعلى الدرجة العلمية، لأن مرضاه لن يتمكنوا من دفع أكثر من ذلك، وفى المستشفيات الحكومية هناك العيادات الاقتصادية التى تتراوح أسعارها من 20 إلى 40 جنيها و80 جنيها للاستشارى، والمستشفيات التخصصية تصل إلى 200 أو 300 جنيه، والقضية فى النهاية عرض وطلب، فالطبيب دفع مليون جنيه للعيادة ونصف مليون آخر للتجهيزات، والمريض على علم بتلك الأسعار لذا عليه الاختيار أن كان سيختار هذا الطبيب أم طبيب آخر أسعاره تناسبه أكثر".

من جانبه، قال الدكتور محمد عز العرب، استشارى الكبد بالمركز القومى لعلاج أورام الكبد، والمستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن "أسعار الكشوفات بها بعض المغالاة من كثير من الأطباء، مؤكدا على ضرورة وجود حد أعلى وأدنى للكشوفات، خاصة أن المرتبات بالمؤسسات الحكومية "لا تكف لسد الرمق"، والتى تدفع الأطباء للعمل الخاص لتعويض ذلك، مشيرا إلى أن الأمر يصعب حله من قبل نقابة الأطباء وحدها، لكنه يحتاج لأمر كميثاق شرف يحدد معدل أدنى وأعلى للكشف حسب المؤهلات ومستوى الخبرة ومكان العيادة وتكلفة العيادة.

وأشار عز العرب، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إلى أن النقابة مسئولة عن الأوضاع المهنية والأخلاقية لاعضائها ومحاسبتهم فى الاخطاء المهنية، وإقرار عقوبات تبدأ من غلق العيادة وصولا للشطب من قوائمها، فى الوقت نفسه أن وزارة الصحة ليس لها سلطة إلا على المستشفيات الحكومية والمؤسسات التابعة لها، إذ يحصل الطبيب على ترخيص العيادة من إدارة العلاج الحر بها فقط، ولكن تحديد القيمة ليس لها تدخل فيه.

وفى سياق متصل، قال الدكتور خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء، إن النقابة منذ إنشائها لم تفعل الباب الرابع من قانون رقم 45 لسنة 1969 والخاص بتنظيم تقدير الأتعاب لأعضائها، لافتا إلى أنه سبق أن ناقش الأمر مع مجلس النقابة، بعد تلقيهم شكوى من أحد الأطباء خاصة بدفعه لمبالغ كبيرة خلال زيارته للكشف فى عيادات زملائه الأطباء، معتبرا الأمر بـ"المخالف" لآداب المهنة، موضحا أنه حدث خلاف داخل المجلس حول إمكانية تطبيق ذلك، لافتا إلى أنه يمكن من خلال تشكيل لجنة من النقابة والجمعيات العلمية والعلاج الحر بوزارة الصحة، والحصول على أحد قوائم المؤسسة العلاجية أو قصر العينى الفرنساوى والاستعانة بها وإجراء تعديلات عليها بما يناسب الوقت الحالى.

وأضاف سمير، "نحتاج إلى ضوابط لتحديد حد أدنى وحد أقصى لمنع طمع بعض الأطباء، خاصة أن استشارى التخدير بعمليات القلب بمستشفيات التأمين الصحى أجره 20 جنيه، وفى المستوصفات الكشوفات تصل إلى 2.5 جنيه فقط، حتى أصبح الاعتماد على فكرة أن الطب مهنة إنسانية، مدخل لضياع حقوق ومجهود العديد من الأطباء، ما يدفع بعض المؤسسات الخيرية منح الطبيب مقابل زهيد لعمله بها".

وأشار عضو مجلس نقابة الأطباء، إلى أن الأطباء "الكبار" أغلبهم لا يراعون تلك المعايير الواجب تطبيقها، وأنه لابد من متابعة تطبيق الأسعار الإرشادية من خلال العلاج الحر بوزارة الصحة، والتى نص القانون على أن النقابة تصدر لائحة تعتمدها وزارة الصحة، موضحا أن القانون لم ينص على عقوبة محددة لمن يخالفه، وفى لجة آداب المهنة فى حال التقدم بشكوى ضد الطبيب يمكن محاسبته، ولكن أقصى عقوبة هى 200 جنيه غرامة نظرا لإقرارها منذ عشرات السنوات، مثلما يتم مع عقوبة انتحال صفة طبيب التى وضعت فى عام 54 بـ200 جنيه وظلت كما هى حتى الآن.

ولفت الدكتور خالد سمير، إلى أنه فى حال بدء نقابة الأطباء فى وضع جدول إرشادى للمبالغ، فلن تتمكن وزارة الصحة من اعتمادها، وإلا فستعد مخالفة للدستور فى مادته رقم 77، والتى أكدت على استقلالية النقابات، وألا تتدخل بها الجهات الإدارية، إلا أنه من المفترض أن يتم تعديل القانون بحيث تصدر النقابة هذا الجدول ويتم متابعته من وزارة الصحة.

وأكد الدكتور إيهاب الطاهر الأمين العام لنقابة أطباء مصر، لـ"اليوم السابع"، أنه لا يوجد جدول محدد للأتعاب، بينما يمكن للنقابة أن تتدخل فى تقدير الأتعاب فى حالة الخلاف بين مريض وطبيب، ويتقدم الأخير بشكوى رسمية للنقابة، مشيرا إلى أنه حتى الآن لا يوجد أى ضوابط تلزم أى طبيب لتحديد الأتعاب، مؤكدا أنه بات أمرا هاما ولابد أن تتدخل فيه النقابة للصالح العام، وأن النقابة تدرس الدعوة لعمل ورشة عمل لدراسة هذا الملف.

وتابع: "قريبا، سنبدأ العمل فيه لدراسة الأمر من كافة جوانب، وأخذ آراء كافة الأطراف ووضع حلول منطقية وواقعية لصالح الوطن والمريض، لضمان عدم حدوث أى ظلم لجانب على حساب الآخر".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة