قال رسول الله – عليه أفضل الصلوات- "يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك، لهدمت الكعبة، وألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين: بابا شرقيا وبابا غربيا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة".
القصة أنه حين هدمت الكعبة وأرادوا إعادة بنائها جمعوا الأموال التى لا شبهة فيها فلم تكف لبناء الكعبة كاملة، كما كانت على عهد إبراهيم عليه السلام، فاضطروا لبنائها على مربع أصغر فخرج منها حجر إسماعيل عليه السلام، علم الرسول - صلى الله عليه وسلم- بذلك فأخبر عائشة بما تمنى "و لو أنه لن يفعل" ! .
الحكمة التى أراد معلمنا وحبيبنا عليه الصلاة والسلام إبلاغنا إياها هى أن على الإنسان أن يكون واقعيا ويتعامل مع الواقع وليس مع ما كان مفروضا أن يكون، وأنه هو نفسه تعامل مع واقع قائم فرض نفسه، تعايش معه ونزل على ما هو ممكن وليس ما هو مفروض، فى حالة من الواقعية، كإنسان وليس كنبى مطاع! فما بالنا وليس فينا أنبياء، لنقدر مواقفنا ولنعرف على أى أرضٍ نقف وما هو واقع وما هو ممكن وما هو مقبول فى ظروف ومجتمع بعينه بعيدا عن الوهم والأحلام ونتمسك بما حققنا وما فى أيدينا تحقيقه ولا نسرف فى الخيال فنضيع ماهو ممكن وما هو بأيدينا زمرة واحدة !
فيا ليتنا نضيف إلى قاموسنا اليومى مع عبارة "خلق الله الدنيا فى ستة أيام" كناية عن التمهل وأن "ربنا عرفوه بالعقل" كناية عن التفكر عبارة "أن الرسول لم يوسع الكعبة" كناية عن التعامل مع الواقع .
وجدير بالذكر أنه لا يزال هذا الواقع واقعا من عهد النبى حتى يومنا هذا ومازال حجر إسماعيل على حاله خارج الكعبة .
• أستاذ بطب قصر العينى