«حرق المصاحف» «دهس مسلمة» فكر البغدادى فى أوروبا
جميعنا أعلن تضامنه مع الشعب الفرنسى بعد مذابح «باتاكلان» بالعاصمة باريس، وهى المأساة التى بالتأكيد ستعيد العلاقات بين المهاجرين العرب وبصفة خاصة المسلمين وحكومات وشعوب أوروبا كلها إلى المربع صفر، والسبب أن كل مسلم على أرض أوروبا أصبح الآن إرهابيًا، وأن الانتقام منهم أصبح واجبا قوميًا بالنسبة للأوروبيين، وخاصة فى فرنسا، وهو ما ظهر مؤخرا، حيث قام عدد من المتطرفين الفرنسيين بحرق المصحف، بينما اعتدى عدد منهم على سيدات مسلمات وأصبحنا نخشى أن يتحول كل فرنسى إلى داعشى ويحمل بداخله قلبا مملوءًا بالكراهية والحقد وربما القتل، وهو الفكر الذى زرعه العميل أبوبكر البغدادى شيطان داعش، وللأسف الشديد فإننا كشعوب إسلامية اكتفينا بالدفاع عن أنفسنا، ولم نفعل غير البكاء، وهى طرق قديمة، ونسينا أن قلوب الشعب الفرنسى الآن تتحول إلى قلوب شعب داعش، وهى الحقيقة التى خرج بها الكاتب حميد حلمى زادة فى دراسة حملت عنوان من «شارل إبدو إلى باتاكلان»: الإرهاب والإرهاب المضاد، حيث قال زادة: إن بعض كارهى الإسلام فى باريس استغل الحادثة لتصعيد حدة الكراهية ضد المسلمين وتكريس مقولة «الإسلاموفوبيا» المغرضة فى البلاد خاصة، وفى أوروبا عامة أكثر فأكثر.
كما استغلتها لاحقا فى صب جام غضبها وأحقادها العنصرية على الجاليات الإسلامية الكبيرة التى باتت تتبرم بشكل كبير من المضايقات الأمنية والبوليسية والاستخبارية الفرنسية ضدهم.
ولقد تجلت هذه الكراهية المقيتة مؤخرا من خلال القيود الحديدية الصارمة التى طبقتها فرنسا على جمهور اللاجئين المغتربين الذين تدمّرت أوطانهم وشردتهم الحروب بالوكالة التى تنفذها داعش وجبهة النصرة فى سوريا والعراق، فضاقت بهم مرابعهم بعدما تحولت إلى جحيم مطلق بفعل جرائم التكفيريين وانعدام السلم الأهلى، وقد تقطعت بهم السبل ولم يجدوا مفرًا سوى اللجوء إلى دول أوروبا ومنها فرنسا.
بيد أن الأخيرة مارست قدرًا لا يطاق من الضغوط والتعسف اللاإنسانى منعًا من دخول المهاجرين المغلوبين على أمرهم إلى داخل أراضيها.
فى زمن المعايير المزدوجة واختلاط المفاهيم، يبدو التوصّل إلى مقاربة صحيحة لمعنى «الإرهاب» مهمة صعبة، إذا لم يكن ضربًا من الخيال.
لا نقول هذا التفافًا على الحقيقة الساطعة وهى أن الإرهاب بكل أشكاله ومستوياته ومُسبّبيه، هو عمل مرفوض ومستنكر ومُشين، سواء وقع فى بلداننا ومنطقتنا، أو فى أى دولة من العالم.
فالمؤكد أن ما حدث ليل الجمعة السبت 14 نوفمبر 2015 فى العاصمة الفرنسية باريس، لا يخرج عن هذا المضمار أبدًا، وأن سقوط مئات الضحايا من المواطنين الأبرياء بين قتيل وجريح فى تلك الجريمة البشعة دون وجه حق، هو خطب مثير للأسى والحزن بشكل كبير.
وأن الهجمات والتفجيرات بكل تفاصيلها ووقائعها ونتائجها، عملية إرهابية مدانة جملة وتفصيلا، وهى تعبّر عن مستوى انحطاط الإرهابيين الذين برهنوا بفعلتهم الإجرامية الشنيعة على أنهم أفراد مجرّدون من أية مبادئ دينية وأخلاقية وحضارية وإنسانية.
نعم نخشى أن تتحول كل فرنسا إلى دواعش فى الفكر والكراهية محملين الأبرياء من المسلمين والعرب كل كوارث هذا التنظيم القذر، الذى استهدف العرب والمسلمين، قبل أن يحول نشاطه إلى الدول الأوروبية، وهو المخطط الجديد لكى يجعل المسلمين فى بلادهم محاصرين بعملياتهم الإرهابية، كما هو فى العراق وسوريا وليبيا وفى مصر، وأيضا يتم حصارهم فى البلاد الغربية التى لم تعد بعيدة عن الأمان، والتى أصبحت تتهم كل مسلم بأنه إرهابى، وتحول العداء إلى كراهية، والكراهية إلى حرق للمصحف، ومطاردة وقتل للمسلمين هناك، ونخشى فى يوم من الأيام أن نجد ترحيلا جماعيا للمسلمين، ليس فى فرنسا، بل فى أوروبا كلها، وهو ما تريده طيور الظلام.