تطور العلاقات بين البلدين غير مسبوق
كلام ورغى وفتاوى وتصريحات مضحكة فى الفضائيات، منذ أن أعلنت روسيا أن حادث طائرتها المنكوبة فوق سيناء عمل إرهابى نتيجة زرع قنبلة فى الطائرة، الحقوا بوتين باع السيسى، روسيا تتآمر على مصر، الروس ملهمش أمان، روسيا بانت على حقيقتها واشترت الغرب فى أول محطة وتخلت عن القاهرة، وهكذا حتى بدأ يتكون لدى الرأى العام عندنا أن الحليف الروسى الذى كنا نعول عليه انقلب علينا، ومن يتابع السوشيال ميديا يدرك كيف تحول إعلان موسكو عن تفاصيل حادث الطائرة، بفعل فتاوى الفضائيات إلى عمل موجه ضد مصر.
يا جماعة الخير من فطاحل الإعلام الفضائى وأصحاب برامج الكلام المتواصل دون انقطاع، نعرف أنكم ظرفاء ومتحدثون وأبناء نكتة، لكن طريقتكم فى تناول القضايا السياسية الخطيرة لا تختلف كثيرا عن برامج الطبخ، إلا فى أن مقدمى برامج الطبخ يجيدون حرفتهم ولا يتحدثون إلا فيما يعرفون، لذلك رجاء انزلوا من على دماغنا ولا تسمعونا فتاواكم اللوذعية التى تستمد معلوماتها من العلم اللدنى، وهو علم لا يصل إلا إلى أذهانكم وحدها ومنها إلى ألسنتكم فتتدفقون به على الغلابة الذين يتصادف وجودهم أمام برامجكم.
وعلى كل حال دعونا نسأل السؤال الذى أفضتم بأنفسكم فى الإجابة عليه تطوعا وجزمتم فى إجاباتكم بالتحول الخطير والانقلاب العنيف فى العلاقات بين موسكو والقاهرة، هل تخلى بوتين عن السيسى وتحولت موسكو من حليف إلى خصم متنمر؟
الإجابة على المستوى الرسمى تلخصها تصريحات المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد، بأن مصر وروسيا فى قارب واحد ولا صحة لسوء العلاقات بين البلدين، وأن الوزير سامح شكرى أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الروسى سيرجى لافروف، بعد إعلان الكرملين أن قنبلة وراء سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتكثيف التعاون المشترك بما يحقق مصالح البلدين، ويرقى إلى تطلعات الشعبين المصرى والروسى، وكذلك، وهو المهم، تنسيق الجهود بين مصر وروسيا فى مجال مكافحة الإرهاب، وهو كلام لم تخرج الخارجية الروسية لتنفيه أو لتقول بعكسه حتى نشك فيه ولا نعتمده كأساس لرؤية العلاقة بين البلدين.
الإجابة على المستوى الاستراتيجى، تعبر عنها المفاوضات الفنية المستمرة لإنشاء الخبراء الروس أول محطة نووية سلمية لإنتاج الكهرباء فى منطقة الضبعة والتى قطعت شوطا كبيرا، وفى انتظار الإعلان رسميا عن تفاصيلها، كما يعبر عنها إطلاق القمر الصناعى المصرى الجديد لأغراض التنمية من قاعدة باكى نور بكازاخستان، وتوريد احتياجات هيئة الطاقة الذرية من الوقود لتشغيل المفاعلات البحثية.
الإجابة على المستوى العسكرى، تعبر عنها بوضوح عقود التسليح الكبيرة التى تم توقيعها خلال العامين الأخيرين لتوريد طائرات ومروحيات ومعدات لحاملتى طائرات الهليكوبتر «مستيرال» وهى أمور معروفة للكافة ولا نريد الخوض فى تفاصيلها.
الإجابة على المستوى الاقتصادى يعبر عنها التطور الكبير فى حجم التجارة بين البلدين، فلأول مرة يدخل عملاق الطاقة الروسى «غاز بروم» للسوق المصرى وبقوة لتوزيع منتجاته، كما تعبر عنها إجراءات الجانب الروسى لإنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى جبل عتاقة بمحور قناة السويس الجديدة، وصيانة وإعادة إحلال وتجديد المصانع التى أنشأها الخبراء السوفييت فى الخمسينيات والستينيات ومشاريع إنشاء صوامع لتخزين الأقماح، وتوقيع اتفاق التجارة الحرة بين مصر ودول الاتحاد الأورآسيوى الذى يضم روسيا الاتحادية وبيلا روسيا وكازاخستان وترحيب الجانب الروسى بزيادة الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة والسجاد والسيراميك.
نعود لسؤال الفضائيات مرة أخرى: بذمتكم هل يمكن أن تتخلى موسكو عن القاهرة؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة