لماذا عاد الناس إلى سابق عهدهم؟
انتهت انتخابات اتحاد طلاب مصر، وبعد أيام قليلة ستنتهى الانتخابات البرلمانية لنكون أمام برلمان مصرى منتخب، وقبل أيام انتهت انتخابات نقابة المحامين، وقبلهما بأسابيع تمت انتخابات نقابة الأطباء، والشىء الذى يجمع كل هذه الانتخابات هو ضعف المشاركة.
صحيح أن المرحلة الثانية فى انتخابات مجلس النواب لم تبدأ بعد، حتى نتأكد من نسبة المشاركة الإجمالية فى التصويت، لكن كل المؤشرات ترجح أننا سنكون أمام نفس الحالة التى كانت عليها الانتخابات فى المرحلة الأولى، وبلغت نسبة الحضور فيها %26.69 فى الجولة الأولى، و%21.71 فى جولة الإعادة وذلك طبقا للجنة العليا للانتخابات.
فى انتخابات «اتحاد الطلاب» انتهت حالتها بالتزكية فى معظم الكليات، وغابت القوى السياسية تماما عنها لاستبعاد بعضهم من كشوف المرشحين، ومقاطعة البعض الآخر، والحصيلة أننا كنا أمام حالة انتخابية تذكرنا إلى حد كبير بالانتخابات الطلابية التى كانت تتم فى عهد مبارك، وكانت لإدارات الكليات ولأجهزة الأمن كلمة الفصل فيها.
وفى الانتخابات التى أجريت بنقابة الأطباء قبل أسابيع بلغت نسبة المشاركة فيها نحو %3 تقريبًا، وارتفعت فى نقابة المحامين لتصل إلى 20% تقريبًا، وحاصل كل هذا أننا أمام انتخابات تسجل ضعفا كبيرا فى المشاركة، بدرجة تشبه «انتخابات زمن مبارك» من هذه الناحية، وعلى النقيض مما كنا عليه بعد ثورة 25 يناير، فأول انتخابات لمجلس الشعب بعد الثورة سجلت مشاركة بلغت %62، وهى نسبة أذهلت الجميع بمن فيهم رئيس اللجنة العليا للانتخابات وقتها المستشار عبدالمعز إبراهيم الذى قال، إن مصر لم تشهد هذه النسبة فى أى انتخابات منذ أيام الفراعنة، ولأنه لم تكن هناك انتخابات أيام الفراعنة، فقد اعتبر الكثيرون أن قول عبدالمعز هو مجرد زلة لسان جاءت تعبيرا عن حالة الفرح بعرس مصر الديمقراطى.
ارتفعت نسبة المشاركة أيضًا فى انتخابات اتحاد الطلاب التى تلت ثورة 25 يناير، وحملت فى إثارتها حد أنها حظيت باهتمام بالغ من الرأى العام بدوائره الشعبية والسياسية، وتخطى الاهتمام بها حدود مصر، وتبارت التحليلات وقتها فى رصد الفرق بينها وبين الانتخابات السابقة التى كانت تتم فى عهد مبارك.
كانت النقابات المهنية على نفس الدرجة من حيوية المشاركة، غير أن الحالة الآن على العكس مما كنا وصلنا إليه من طموح بهذه المشاركات المرتفعة التى عكست حرص المصريين على تحديد مصيرهم بأيديهم، وليس بأيدى قلة تحترف الانتخابات وتستفيد من حالة الغياب الجماعى عنها، ويحيلنا كل ذلك إلى ضرورة البحث فى طبيعة الأسباب التى أدت إلى ما وصلنا إليه الآن، ولست ممن يعتقدون بأن غياب جماعة الإخوان عن المشهد الانتخابى هو السبب، نعم كانت قوة مؤثرة فى الانتخابات فى وقت عاش المصريون فيه حالة تضليل بحقيقتها، وفى وقت تمددت بقوتها برعاية من نظام مبارك نفسه الذى قتل القوى السياسية الأخرى، وترك الفساد يرتع فى كل مكان، فأفادها بتركها تكنز المال وتنشر أفكارها الضالة، ودخل معها فى اتفاق لخوض انتخابات مجلس الشعب عام 2005 وتركها تفوز بـ88 مقعدًا، ولما قامت الثورة كانت هى الأكثر تنظيما ففازت بانتخابات برلمان عام 2012.
كان حكم الإخوان مفيدًا للمصريين، من زاوية أنهم عرفوا بالتجربة حقيقتها كجماعة هى وجه آخر لحكم مبارك سياسيًّا واقتصاديًّا، وأنها جماعة لا تحكم بمعايير وطنية جامعة لكل المصريين، وإنما بطائفية، وتخلف، وظلام، وإرهاب، وبالتالى كان سقوطها حتميًّا بعد انكشاف حقيقتها أمام الجماهير التى كانت تمنحها الأصوات فى الانتخابات، والترجمة الحقيقية لكل هذا هو مشاركة مرتفعة فى أى انتخابات قوية، لكن الواقع وطبقا للانتخابات التى جرت يؤكد عكس ذلك؟ فلماذا عاد الناس إلى سابق عهدهم بإعطاء ظهورهم للانتخابات؟ هو سؤال مطلوب البحث عن إجابته بقوة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
إســكت أفضــل لك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الناس ما نزلتش لانه لا يوجدما تتخوف منه ....عدم ترشح الاخوان طمأن الناس
فوق