محمد الدسوقى رشدى

ساخرون ومنافقون أمام الرئيس

الأحد، 22 نوفمبر 2015 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين هؤلاء الذين يرون فى نقد الدولة فعلًا من أفعال الحرام، وهؤلاء الذين لا يرون فى كل فعل من أفعال الدولة سوى كل سيئ، تبقى الحقيقة ضائعة، فلم يعد نقد الخطأ نصيحة خالصة للإصلاح، ولم يعد «السلخ» على طول الخط مؤثرًا فى الجماهير.. ومصر ستدفع الثمن.

من أنت لتنصح الرئيس أو تذكره بما نسى أو غفل عنه؟!
فى الكتب القديمة يقول الفقهاء إن الدين النصيحة، وفى فضائيات هذا الزمن يقول الراغبون فى نفاق السلطان: النصيحة من الممنوعات، أو أشد. يروى الإمام مسلم عن تميم الدارى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة ثلاثا، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

وتروى الصحف عن رموز السلطة، ونجوم إعلام السلطة أن النصيحة للحاكم لا تجوز، هى فعل يعاقب مرتكبه بالاتهام بالخيانة، والخوض فى شرفه وعرضه، وسبب يتيح للمذيعين والمحامين ملء أوقات فراغهم بتقديم البلاغات ضده، والتحريض على ضربه وسجنه.

فرق كبير بين نقد الخطأ والاستعداد الدائم بسلاح السخرية من كل فعل رسمى، والشك فى كل تصريح حكومى، ومثلما نقول إن هؤلاء الذين يرون الرئيس محصنًا من كل نقد منافقون، فرض علينا القول بأن هؤلاء الذين لا يرون فى كل فعل رئاسى- حتى لو كان إيجابيًا- سوى سبيل للسخرية فاجرون فى خصومتهم، وتعانى عقولهم انتفاخًا بسبب السذاجة.

فى زمن مختلف، لكن يتطابق بعض من مشاكله، ويصلح بعض من نصائحه لاستعدال المعوج من أمور مصرية أصيلة نعانى بسببها الآن، كتب عبدالله ابن المقفع رسالة للخليفة أبوجعفر المنصور أسماها «رسالة الصحابة». فى رسالته وجه ابن المقفع نقدًا للخليفة بسبب تقريب أوغاد الناس لعرشه، مما سبب حرجًا لخيار الناس وأبعدهم عنه، ونصح الخليفة بضرورة تحديد العلاقة بين المسؤولين وعامة الناس، وطلب من الخليفة أن يقوم بعزل الضعيف الذى لا يستطيع القيام بعمله، وكان للقضاة نصيب كبير من النقد، مؤكدًا ضرورة وجود قواعد ملزمة للقضاة حتى لا يحكم كل منهم وفقًا لأهوائه وآرائه الخاصة به، وفى نهاية رسالته نصح ابن المقفع الحاكم بأن يكون صاحب نجدة ومشورة، وأن يكون شريفًا لا يفسد نفسه أو غيرها، وأن يتفهم أن إصلاح أحوال الرعية لا يأتى من أسفل.

بعضهم سأل ابن المقفع عن سر إصراره على نصيحة الحاكم، فرد قائلًا: «صاحب الرأى يجب أن يذكر ويخبر أولى الأمر بما يراه فى مصلحة الأمة من آراء، قد يكون لها أثر فى الإصلاح».. النصيحة واجب، وليست خيانة.. تلك هى الخلاصة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة