فرق نشر الإحباط واليأس بين الناس
المؤكد أنكم تعرفونهم، هؤلاء الذين يحاولون إفساد كل فرحة وتشويه أى إنجاز والطعن فى كل خطوة تقود البلد نحو مستقبل أفضل، هؤلاء هم «السِّمّاوية»، جمع «سِماوى» أى قاتل الكلاب بالسم وهو شخصية كريهة ومكروهة فى الوجدان الشعبى المصرى، لأنه قاتل بلا رحمة أو ضمير أو أخلاق، يتسلل وراء الكلاب الضالة ويقتلها بلقمة مغموسة بالسمن والسم، أو يقتلها برصاصة غادرة ويقطع أذن كل كلب يصيبه لينال عنه مكافأة.
زالت وظيفة السماوى من مصر وانقرضت مهنته القاسية، لكن سلالته ظلت تتوارث الكراهية والقسوة والبشاعة، فقد ظهروا فى أيامنا وليس لهم دور إلا خدمة أسيادهم المتآمرين، فتجدهم ينشطون بالطلب، يعوون حين يطلب منهم العواء ويصرخون حين يتلقون أمرا بالصراخ، ويصمتون حين يزجرهم صاحب الأمر والنهى المتحكم فى مصائرهم.
هؤلاء «السماوية» يعيشون وسطنا لكنك لا تستطيع أن تجزم بأنهم منا بالكامل أو يمثلوننا مائة بالمائة أو أنهم يهتمون حقا بقضايانا المصيرية ومستقبل بلدنا، اللهم إلا لجمع المعلومات بهدف ترتيب المقالات والشائعات المحبطة والارتقاء بمنهة السماوى من قتل الكلاب الضالة إلى محاولة قتل معنويات المصريين ومنعهم من الخروج من دائرة الإحباط، وكفهم عن الأمل بقدرتهم الذاتية، لأن أعداءنا على تنوعهم يعلمون جيدا أن الإيمان بقدراتنا الذاتية وبإمكانية تحقيقنا لما نريد هو الخطر الأكبر عليهم.
خذ مثلا توقيع اتفاقية إنشاء أربع وحدات نووية لإنتاج الكهرباء ضمن محطة الضبعة مع الجانب الروسى، وهى اتفاقية ناجحة بكل المقاييس بالنسبة لنا وتناسب ظروفنا وأوضاعنا وبها الكثير من المميزات، أن الوحدات النووية من الجيل الثالث بتكنولوجيا حديثة، وأنها تتمتع بأقصى درجات الأمان، وأنها بقرض روسى طويل المدى يتم تسديده على 35 سنة، وأن الروس سيستخدمون المكونات المصرية بنسبة كبيرة فى الإنشاءات وسيعتمدون على العمالة المصرية. بدلا من تناول الحلم الذى تحقق بعد سنوات طويلة من الإفشال والتعطيل والمؤامرات من أذناب إسرائيل والغرب الذين أرادوا تحويل أراضى الضبعة إلى منتجعات، وبدلا من الفرحة بما تضمنته الاتفاقية من مميزات، جرت الأقلام السماوية بالكلمات المسمومة تلمز وتطعن فى الاتفاقية وتشكك فى جدواها.
وخذ مثلا آخر الانتخابات البرلمانية، فبعد المرحلة الأولى، هاهى المرحلة الثانية والأخيرة من الانتخابات قد انتهت بنجاح وبأقصى درجات التأمين والسيطرة من قوات الجيش والشرطة وتحت مراقبة دولية وعربية ومصرية وبنزاهة تامة، وبدلا من الفرحة باكتمال مؤسسات خارطة الطريق التى طالما انتظرنا يوم اكتمالها، وبدلا من مخاطبة مجلس النواب ليقوم بدوره فى التشريع ومراقبة الحكومة، جرت الأقلام السماوية بالكلمات المسمومة التى تلمز وتطعن فى الانتخابات بأنها لا تمثل الشعب المصرى وأنها كذا وكذا ومليئة بالأخطاء، وأن البرلمان المقبل مصنوع من أجل توطيد سلطة الرئيس.
النظرة دائما لدى هؤلاء السماوية سوداوية ومحبطة، وتصور البلاد على أنها مقدمة على فشل كبير وانهيار تام وإفلاس كامل، وأن الحل الوحيد هو المظاهرات العارمة والثورة على حكم السيسى والمطالبة بانتخابات مبكرة أو بنظام حكم جديد، يجمع كل الفرقاء طبعا بمن فيهم المجرمون الهابون فى الخارج والأذناب اللابدون فى الذرة والأبواق الذين يخرجون بالأمر ليروجوا ما هو مطلوب ترويجه بين الناس!
هؤلاء السماوية، تعرفونهم من كلماتهم وتطرفهم وكذبهم وإدعائهم الكاذب وتباكيهم المزيف على مصلحة الوطن، فقط اعرفوهم وعلموا عليهم وضعوهم فى المكانة التى يستحقونها.