العالم يشتعل بالحروب التكتيكية المحدودة والعمليات الإرهابية التى تقف وراءها أجهزة المخابرات الدولية، فى كل بلد بؤرة توتر داخلية أو حدودية أو إقليمية، ولتنظروا إلى قارات العالم القديم الثلاث، آسيا وأفريقيا وأوربا، الإرهاب هو الفزع الأكبر والحروب الأهلية كالماء والهواء والدماء تسيل يوميا، مع غياب الأمل بأن يتغير الوضع فى القريب العاجل لأن الساسة المتحكمين بالأمور، وعلى رأسهم باراك حسين أوباما، يسترزقون من تجارة الدماء والأسلحة وإعادة تخطيط العالم من جديد.
فى الماضى القريب كانت المنطقة العربية وأفريقيا تحت حزام الصحراء هى المنطقة الأكثر ابتلاء بالحروب الأهلية والثورات والاشتباكات، ربما لأنها المنطقة المخطط لها إعادة التقسيم بعد انصهارها واشتعالها بالفوضى الخلاقة، لكن المخططين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، لم يكونوا يتوقعون أن تمتد النيران خارج الصندوق العربى إلى أوروبا، ولتجتذب القوى الكبرى فى صراع ومواجهة غير محسوبة بالمرة.
تركيا التى تقامر بالدخول إلى أتون الفوضى الخلاقة للمنطقة العربية من باب نباش القبور، لتفوز بجزء من كعكة إعادة إعمار المنطقة وبعضوية الاتحاد الأوربى، ارتكبت خطأ فادحا بإسقاطها الطائرة الحربية الروسية على الأراضى السورية، الأمر الذى أدى إلى عبور الطراد الروسى «موسكو» البحر المتوسط باتجاه السواحل السورية ونشر روسيا لمنظومة إس 400 الصاروخية لتنكشف معظم الأراضى التركية، مما ينذر بتوسعة إطار الحرب السورية إلى مواجهة بين موسكو والناتو.
فرنسا تكتوى هى الأخرى بنيران الإرهاب، فلم تعد عاصمة أوربية بعيدة عن الذئاب المنفردة أو التفجيرات عن بعد أو عمليات التفجير باستخدام السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، مع انتشار أعداد كبيرة من الشباب المحبط والغاضب من أصول عربية وإسلامية فى مختلف العواصم الأوربية، وهو يشهد بوضوح المؤامرة الغربية المعلنة ضد البلاد العربية والإسلامية وما تؤدى إليه من قتل وتشريد مئات الآلاف.
والانفجارات تتوالى فى العواصم العربية والغربية دون بيان واضح عن الفاعل، من تونس إلى ليبيا والعراق واليمن واليونان ومصر، وفى كل مرة يخرج تنظيم داعش الإرهابى ليعلن مسؤوليته عن الحادث أو ينشر عددا من صور الأنصار التابعين له قبل تجنيدهم للقيام بالعمليات الانتحارية.
ماذا يريد أوباما من إشعال العالم إذن؟ وهل خرجت النيران المشتعلة فى مختلف مناطق العالم من تحت سيطرته بالفعل؟ الإجابة أن أوباما وإدارته لا يملك مشروعا حضاريا لقيادة العالم، ولا يملك إغراءات اقتصادية كافية لقيادة العالم، ولا يملك زادا ثقافيا يغزو به العالم أيضا، فلم يعد لديه إلا محاولات الاحتواء والسيطرة على مناطق العالم الغنية بالطاقة وفرص العمل، وتزدهر بمعدلات النمو، ليضع يديه عليها، فلم يعد لديه إلا إشعال العالم بالحروب الصغيرة الأكثر إجهادا وتكلفة حتى تدور مصانع الأسلحة الأمريكية، وحتى يستطيع أن يمد سيطرته على العالم عقدا جديدا، فى ظل الصعود الصينى والتماسك الروسى والتحالف الأوربى.
من يستطيع فى هذا العالم المضطرب أن ينجو؟ من يستطيع أن يتجنب ويلات حرب طاحنة يمكن أن تشعل العالم كله بالسلاح التقليدى وغير التقليدى؟ من يستطيع أن ينهى الحرب بسهولة كما يبدأها؟ الإجابة على جميع الأسئلة السابقة ترتبط بالساحر الأمريكى الشرير الذى يتحكم فى معظم أوراق اللعب ولا يرى أحدا سوى نفسه، فهل يريد الشرير الأمريكى أن يوقف الألعاب الخطرة التى بدأها فى العالم؟ أخشى أن الإجابة عن هذا السؤال الأخير ستكون بالنفى.