فاز المخرج الكبير خالد يوسف بعضوية البرلمان عن دائرة كفر شكر مسقط رأس عائلته، وحسم سمير غطاس مقعد مدينة نصر بأقل قدر من الدعاية وبتكلفة مالية بسيطة، الاثنان، من وجهة نظرى، إضافة إلى عدد محدود للغاية من النواب، يمثلان استثناء القاعدة «هيمنة وتحكم رأس المال السياسى- الإعلامى فى انتخابات البرلمان»، لكن هذا الاستثناء يؤكد القاعدة، هما استثناء لأننى أعلم جيدا أنهما لم يقدما «رشاوى» انتخابية ولم ينفقا ببذح، لكنهما بشكل غير مباشر جزء من ظاهرة نجوم إعلام الفوضى الذين خاضوا الانتخابات وحققوا نتائج جيدة، وأقصد بنجوم الميديا وجود عدد من المرشحين العاملين فى الإعلام أو الضيوف الدائمين على القنوات الخاصة والعامة، وأتحدث دائما عن القنوات لأن هناك عددا من الصحفيين ترشحوا لكنهم لم يحرزوا نفس النجاح الذى حققه نجوم قنوات التليفزيون، لأننا بصراحة فى زمن المشاهدة، زمن التليفزيون ومعاركه وفضائحه، ويلاحظ أن بعض نجوم الميديا من المرشحين جمعوا بين الشهرة والإنفاق بسخاء فى الانتخابات، أو كان لديهم سند عائلى أو جهوى قوى ضاعف من قوتهم الانتخابية.
القاعدة فى انتخابات البرلمان هى أن من يملك المال أو العصبية الأسرية أو الجهوية تتوافر لديه فرصة أكبر للفوز فى البرلمان، ومن خلال القدرة الماليه يمكنه الوصول للإعلام عبر شراء الإعلانات أو الحصول على فرص للظهور فى بعض البرامج التى تبدو محايدة !!. وللأسف هذا يحدث فى ظل وجود قوانين وقواعد وضعتها اللجنة المشرفة على الانتخابات لكنها لم تطبق، لأن اللجنة لا تملك آليات لتفعيل القانون وأحكام الرقابة على الحملات الانتخابية، علاوة على قصور فى بعض إجراءات تنفيذ القانون، مثل عدم تحرك اللجنة لوقف حالات شراء الأصوات بحجة أن اللجنة لم تتلق شكاوى أو بلاغات!! (حذرت من ذلك قبل الانتخابات).
سيقال: يعنى نمنع نجوم الميديا من الترشح لأنهم مشهورون فى الإعلام، ونحرم رجال الأعمال لأن لديهم «فلوس»؟ لا طبعا.. فمن حق جميع المواطنين خوض الانتخابات والعمل بالسياسة، سواء كانوا مشهورين أو غير مشهورين، اغنياء أو فقراء، لكن المطلوب فقط وضع ضوابط لتحقيق المساواة بين كل المواطنين، فلا نضع شرطًا بألا تزيد دعاية المرشح على نصف مليون جنيه، ثم نجد كثيرا من المرشحين تجاوزوا هذا الشرط، وقام بعض المرشحين بشراء الأصوات فى السر والعلن.
أعود إلى خالد يوسف وسمير غطاس، الأول مخرج مشهور ومناضل صلب ونجح فى دائرة ريفية- شبه حضرية، لأسباب كثيرة، أعتقد أن أهمها دوره الكبير فى 30 يونيو، فضلا عن شهرته الإعلامية وأسرته فى الدائرة، أما سمير غطاس، المسيحى صاحب التاريخ اليسارى، فإن فوزه من الجولة الأولى يحتاج إلى تأمل ودراسة سياسية وسسيولوجية، فالرجل ترشح فى مدينة نصر حيث ينافسه عدد من رجال الأعمال الذين أنفقوا ببذخ، فى المقابل هو يملك العلم لا المال، ولديه تاريخ طويل من النضال لا يعرفه أغلب الناخبين، ولديه، وهذا هو الأهم، ظهور تليفزيونى متكرر، وبرنامج يقدمه فى قناة الفراعين.. وآراؤه مؤيدة تماما للرئيس.. كل ذلك ضمن له فوزا ساحقا فى مدينة نصر، وهى دائرة تمثل بامتياز الطبقة الوسطى المتعلمة، ولنذكر هنا أن الصديق د. عمرو الشوبكى فاز فى انتخابات 2011 فى دائرة الدقى بسبب مواقفه السياسية المعارضة لمبارك وحضوره الإعلامى بعد الثورة، لكنه لم يحقق الفوز فى الانتخابات الأخيرة بالرغم من تأييده لخارطة الطريق، لأن المزاج الشعبى تغير وأصبح أكثر محافظة وخوفا على الدولة من أى أصوات مختلفة بالرغم من ضرورة وجود أشخاص بعلم وخبرة عمرو الشوبكى فى البرلمان.