الأسطورة التى نجحت فى وقف التطبيع الدينى مع إسرائيل
فتحت الزيارة التى قام بها البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للقدس المحتلة عبر مطار بن جوريون، بحجة الصلاة على مطرانها الراحل الأنبا إبراهام، كل أحزان الشعب المصرى على رحيل حكيم المصريين البابا شنودة، رحمة الله عليه، وهو الشخصية الدينية التى بكى عليها الجميع من قلوبهم، لأنهم أحبوه باعتباره الرجل القوى داخل الكنيسة، الذى ظل حائط صد لمنع التطبيع الدينى بين أقباط مصر والعدو الإسرائيلى، والذى ظلت قياداته منذ زيارة السادات المشؤومة لإسرائيل فى عام 1977 تحلم بأن يزور رأس الكنيسة القبطية الأراضى الفلسطينية المحتلة، ولكن الرجل رحل عن دنيانا وهو يرفض مثل هذه الزيارات، وسئل البابا شنودة كثيرا أثناء لقاء البابا الأسبوعى من الإخوة الأقباط الذين كانوا يريدون السفر للأماكن المقدسة فى فلسطين المحتلة لينالوا بركة البابا، ولكن الرجل، رحمة الله عليه، رفض رفضا قاطعا أن يوافق على ذهاب الأقباط للقدس تحت أى مسمى وكان قاطعا، كما قلنا سابقا، فى الرفض الذى اشترط أن يتم تحرير القدس من العدو الصهيونى وإقامة الدولة الفلسطينية، وكان لموقف البابا شنودة الرافض لزياره إسرائيل معانٍ جميلة عند الشعب المصرى كله مسلمين وأقباطا لأن إسرائيل هى أساس الفساد فى المنطقة، وهى التى وراء كل المؤامرات ضد العرب والمسلمين والتى انتهت بالربيع «العبرى» الذى فكك الأمة وتسبب فى الحروب الأهلية فى كل الدول العربية وتفرغ هذا العدو لقتل الأشقاء الفلسطينيين، والغريب أن زيارة البابا تواضروس تواكب مذابح يومية للفلسطينيين فيما يعرف بالانتفاضة الثالثة، وكان من المفترض أن يفكر هذا البابا ألف مرة قبل أن يفكر فى الذهاب للقدس من خلال مطار بن جوريون ليقدم خدمات مجانية للعدو الصهيونى.
نعم يجب أن نتذكر الأسطورة البابا شنودة بعد أن انهار الجميع تحت زعم زيارة تأدية الواجب، وهو عذر غير مقبول لأن الذى مات قد مات، ولكن ستبقى الزيارة الغريبة للبابا والتى ستتبعها زيارات متعددة من باقى أعضاء المجمع المقدس، ثم يكسر الأقباط قرار منع السفر للأراضى الفلسطينية المحتلة، تحت زعم أن البابا عملها، فإذا كان قد ذهب ليدفن أنبا فإن زيارة المقدسات المسيحية فى القدس تأتى فى المرتبة الأولى لتبدأ أكبر عملية تطبيع بالحج السياحى لأقباط مصر، وهو ما كنا نخشاه من زيارة البابا تواضروس الذى يكسر الحاجز النفسى للإخوة الأقباط للسفر للقدس وستنشط شركات السياحة فى مصر والعدو الصهيونى لتقوم بتنظيم رحلات لكنيسة القيامة مرفق بها صور للبابا تواضروس أثناء وجوده فى الكنيسة، وهى الصور التى سيتم خداع الفقراء والأغنياء من الأقباط ليتم الترويج لزيارة هذه المناطق المقدسة التى حرم الأسطورة البابا شنودة، رحمة الله عليه، الحج إليها إلا بعد تحريرها، وأن يضع يديه فى يد أشقائه من المسلمين فيذهبا معا إلى القدس.
بقى أن نتذكر موقف البابا شنودة، رحمه الله، من الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى، فيما يعرف بحفريات إسرائيل تحت المسجد الأقصى وقبة الصخرة، حيث صرّح البابا أكثر من مرة، بأن الاعتداءات على المسجد الأقصى أمر خطير وغير إنسانى وغير مقبول لأنه يثير شعور المسلمين فى أرجاء المعمورة، هل عرفتم رجلا عظيما وأسطورة مثل البابا شنودة الذى أحبه المسلمون قبل الأقباط لأنه شعر بخطورة الذهاب للقدس المحتلة، وهو ما لم يشعر به البابا تواضروس وهو الفرق بين الأسطورة البابا شنودة وغيره من الباباوات الجدد؟!