عقب كل حادث إرهابى كبير يشهده العالم يلجأ بعض الإسلاميين إلى ذات النغمة المزعجة التى لا تشير أبدًا إلى أننا نسلك الطريق الصحيح فى معالجة الكوارث الكبرى، فمنذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر ونحن لا نمل من تكرار معايرة الغرب بأنهم مرضى بـ«الإسلاموفوبيا»، وأنهم يعادون الإسلام والمسلمين دون مبرر، لكننا فى الحقيقة لا نجنى من هذا الخطاب سوى المزيد من الكذب على النفس، وللأسف تمارس هذه العادة شخصيات بارزة وأسماء لها ثقلها فى المجتمع الدولى، وللأسف أيضًا فإننا لا نجنى من هذه الادعاءات سوى المزيد من الدماء.
قد يكون كلامى هذا قاسيًا، لكننى فى الحقيقية لا أفهم تلك النبرة الكاذبة التى يرددها البعض عقب كل حادث إرهابى يتورط فيه مسلمون، نعم، ليس كل المسلمين إرهابيين، لكن للأسف غالبية الحوادث الإرهابية التى يشهدها العالم الآن أبطالها مسلمون، وللأسف فقد تورط فى هذه الأحداث شباب من أصول عربية، فتح لهم الغرب أبوابه، واستضافهم هم وآباءهم، لكنهم لم يحفظوا الجميل، ولم يقدروا الحياة الغربية حق تقديرها، وغرقوا فى الانكفاء على الذات حتى تطرفوا.
لا أنسى هنا أيضًا أن أؤكد اعتقادى الراسخ بأن هناك دعمًا خارجيًا يتلقاه الإرهابيون الإسلاميون، سواء من بعض التكتلات الغربية، أو من بعض الموالين للغرب فى الداخل، لكن هذا أيضًا لا ينفى أن فى المتون الإسلامية ما يمنح هؤلاء الإرهابيين أساسًا مرجعيًا لإرهابهم، ولا ينفى أيضًا أن العديد من الحكومات العربية «داعشية الهوى»، تمارس مع خصومها «الدينيين» أو «السياسيين» ذات الأفعال التى تفعلها «داعش» مع مخالفيها، فنحن دائمًا ننسى أن الإصلاح لابد أن يأتى من الداخل، وأن الإسلام تشوه بالفعل عبر مئات السنين التى أضافت إلى متونه الأساسية متونًا أخرى صارت أشد تقديسًا من الكتاب والسنة، وصار صناعها أشد قداسة من الإسلام ذاته.
جميعنا يردد أن الإسلام برىء مما يفعله الإرهابيون، لكن حينما يتجرأ أحد ويضع يده على بيت الداء، محاولًا استئصاله، تقطع يده، فبداخل السجون العربية عشرات الأسماء التى لم تذنب فى شىء سوى إعلانها مخالفة السياق الفكرى الرسمى، وليس أدل على هذا من أننا الآن ونحن نتهم الغرب بالاضطهاد، ونتهم مرضى «الإسلاموفوبيا» بأنهم سبب التعسف الذى يعانى منه المسلمون فى الغرب، يمكث الشاعر الفلسطينى أشرف فياض فى سجن السعودية، منتظرًا حكم الإعدام، لا لشىء سوى أنه كتب قصيدة.
لا يقابل التطرف إلا التطرف، ومادمنا نغذى التطرف فى مناهج تعليمنا، وفى شاشات فضائياتنا، وفى متون ديننا، فيجب ألا نتوقع إلا تطرفًا مضادًا، ولا ينكر عاقل أن الغرب أحد أهم أسباب تخلفنا بسبب رعايته للتعصب المذهبى والطائفى فى العالم الإسلامى، سواء فى حقبة الاستعمار أو فيما بعدها، لكن لا ينكر عاقل أيضًا أن مصيرنا الآن بأيدينا، وأننا حافظنا على ميراث التخلف والتعصب فى مجتمعاتنا، فشدنا هذا التراث إلى مستنقع لا ينضب من الدماء، تمامًا كالذى ربى وحشًا فى فناء بيته، فكبر الوحش حتى طرد أهل البيت، مؤسسًا قبيلة من الوحوش.
وائل السمرى
موسم الافتراء على الغرب..نلوم الإرهابيين وحكوماتنا "داعشية"
الأحد، 29 نوفمبر 2015 06:01 م
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مشمش
فعلا الدواعش بيننا وتباركهم الدوله وتمنحهم حق دخول البرلمان والتحدث بالاعلام المرئى والسمعى والمقروء
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو الفضل
ابرياء