باختصار شديد.. وبوضوح أشد لابد أن نعترف جميعا بالحقيقة.. وحقيقة ما يحدث وما نعيشه الآن تقول بأننا - رسميا - فى مرحلة ما يسمى شعبيا «بالهوبا».. و«الهوبا» يا سادة هى مرحلة من مراحل الجنون الأقرب للعبث.
والعبث يا جماعة هو اللى إحنا بنعانى منه دلوقت.. واللى بنعانى منه دلوقت هو عجزنا عن ترتيب دفتر أولويات البلد دى.. يعنى الحاجات المهمة بتتراجع للخلف ويصعد مكانها حاجات تافهة.. أو خلينا مؤدبين ونقول «مش مهمة»
يعنى فى الوقت الذى يهددك فيه الإرهاب، وتقلقك المخاطر الاقتصادية، ويعدك وزير التعليم بعام دراسى منضبط فلا نقرأ عن التعليم والمدارس سوى كل شر، وتعدك فيه الأحزاب بأداء محترم فى انتخابات مجلس النواب فلا تجد منها سوى كل ما هو هزلى، وتغازلك أحلام ما بعد ثورتين فى برلمان قوى ومتنوع وبه نائب على قدر المسؤولية فلا تجد سوى نواب شتامين ومنتهكين للحريات وفاسدين وعائدين من زمن مبارك بنفس جلباب الفساد، نترك كل هذه الأشياء وندفعها دفعا نحو ذيل جدول أولوياتنا واهتمامنا لصالح «خناقات» ومعايرات الإعلامين وبعضهم، وردح السياسيين وتخوينهم لكل الأطراف المختلفة معهم بالإضافة إلى شتائم ومعارك الرياضيين على كعكة المال والسيطرة بينما الوطن وهمومه، البلد وحاضره ومستقبله.. لا أحد يهتم.
انظر حولك.. ستجد حالة «الهوبا» وقد انتابت مجتمعا مرتبكا ومشهدا إعلاميا أكثر ارتباكا فى وطن يحتاج إلى إعلام إن لم يكن عاقلا ورائدا، فعلى الأقل يحتاجه صادقا ومخلصا، وبالمثل فى السياسة التى يحتاج منها الوطن إن لم تكن قادرة على تقديم يد العون، فعلى الأقل لا تقدم مصالحها على مصالح مستقبل شعب، انظر وستجد دفتر أولويات مجتمع الإعلام والسياسة، وقد أعلى التافه من الأمور على حساب الجاد منها، وصدر السيئ من الوجوه على حساب الأفضل منها.
المهم علاج كل هذا يبدو موجزًا فى كلمة سيدنا عمر بن الخطاب، التى أوردها الإمام الحافظ الأصبهانى فى كتابه «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء»، قائلا: «حدثنا الحسن بن علان الوراق عن يوسف بن أبى أمية الثقفى، عن الحكم بن هشام، عن عبدالملك بن عمير، عن ابن الزبير، قال: قال ابن الخطاب، إن لله عبادا يميتون الباطل بهجره، ويحيون الحق بذكره، رغبوا فرغبوا، ورهبوا فرهبوا، خافوا فلا يأمنون». فى اعتقادى تصلح كلمة سيدنا عمر لأن تكون خطابا سياسيا موجزا لن يختار الفاروق غيره إن طلبوا منه الحديث عن حال مصر سياسيا وإعلاميا الآن.
أميتوا الباطل بهجره، أميتوا التافه بهجره، أميتوا الخبيث بهجره، أميتوا أصحاب المصالح بهجرهم.. فقط ارفعوا من شأن كل صاحب قيمة، حتى لا تتركوا لأولادكم من بعدكم أصواتا وأسماءً ووجوها تظنون أنكم بانشغالكم بتفاهتهم وسبكم لهم تقتلونهم، فإذا بسبابكم يمد فى عمرهم أطول وأطول، ويصنع شهرتهم ويضعهم على طاولة المرغوبين، والمطلوبين لشغل الناس عن ما هو أهم.. اعدلوا وتجاهلوا كل خبيث تميزونه من الطيب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة