نحتاج ميثاق لتعامل الشرطة مع المواطنين
نعلم جميعًا ونقدر الدور الذى يقوم به أفراد وضباط الشرطة فى مواجهة الإرهاب، فهم حائط الصد وصمام الأمان ومن يحملون أرواحهم على أكفهم وأول من يتلقى رصاصات الغدر والتطرف، دفاعًا عن الدولة والمواطنين، لكن هذا الجهد من الأغلبية يجب ألا يتم تشويهه والتغطية عليه من خلال ممارسات الأقلية التى تصنع الفجوة بين رجال الشرطة والمواطنين فى هذا الظرف الحرج.
اعتداءات بعض الأفراد من الشرطة على المواطنين، وتكرار هذا الاعتداء دون محاسبة جادة وفق القانون ترد الحق للمواطن المظلوم، وتعاقب المتجاوز الظالم، يحدث الشقاق والفتنة بين الشرطة وعموم الشعب، أما المحاسبة بالقانون فهى الكفيلة باستقرار المجتمع وزيادة التلاحم بين المواطنين، وسائر الأجهزة الأمنية فى مواجهة أخطار التطرف والإرهاب والبلطجة.
من العوامية فى الأقصر إلى حادث الطبيب الصيدلى فى الإسماعيلية، حادثتان أثارتا كثيرًا من الجدل بين المواطنين فى الأقصر والإسماعيلية وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، ففى الحادثة الأولى دخل المواطن عوض شبيب قسم شرطة العوامية، وخرج بعد ساعات جثة هامدة، الأمر الذى أدى إلى حدوث اشتباكات بين الشرطة والمواطنين، وسقوط عدد من المصابين، والقبض على أكثر من عشرين مواطنًا بتهمة الاعتداء على ضباط الشرطة، ومازالت الحادثة مثل النار تحت الرماد قادرة على إثارة الاشتباكات بين المواطنين والشرطة.
أما الحادثة الثانية فهى مسجلة بالفيديو ومنشورة على مواقع التواصل، وتشير إلى اعتداء صريح من ضباط شرطة على الطبيب عفيفى حسنى داخل صيدليته بالإسماعيلية، واقتياده إلى قسم الشرطة، حيث أصيب على أثر ذلك بأزمة قلبية أودت بحياته، ثم ظهر تقرير الطبيب الشرعى ليؤكد إصابة الطبيب بكدمات خلف الرقبة أدت إلى وفاته، وهى أيضًا حادثة أدت إلى احتقان المواطنين، كما أدت إلى دخول أطراف مغرضة على خط الفتنة بالدعوة إلى كسر الشرطة مرة أخرى كما حدث فى 25 يناير 2011.
فى الحادثتين، يطالب أهالى الضحيتين باعتذار وزارة الداخلية، بما يعنى الاعتراف الصريح بالخطأ، ومحاسبة الضابط المخطئ بالقانون، كما تطالب نقابة الصيادلة وزير الداخلية بصرف تعويضات مناسبة لأسرة طبيب الإسماعيلية، وحتى الآن لم تتقدم الداخلية بأى اعتذارات لأسر الضحيتين، وخرجت مصادر فى الوزارة لتتهم طلعت شبيب، ضحية العوامية بالأقصر، بأنه مسجل خطر وتاجر مخدرات، فيما قال اللواء أبوبكر عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية للعلاقات والإعلام، إن من ثوابت وزارة الداخلية أنها لا تحمى أى متجاوز أو مخطئ من أبنائها، وتعمل دائمًا على حماية وأمن المواطنين، ومراعاة التوازن بين تطبيق القانون وحماية حقوق الإنسان، وهو كلام جميل، لكنه لابد أن يترجم إلى إجراءات على الأرض تعيد الثقة الغائبة بين الشرطة والمواطنين، وتئد الفتنة فى مهدها.
لابد من اعتذار الداخلية بوضوح إلى أهالى العوامية والإسماعيلية، ولابد كذلك من محاكمة حقيقية للضباط المسؤولين عن الحادثين، وتغطية إعلامية مكثفة للمحاكمات، حتى يستقر فى قلوب المواطنين فعلًا أن القانون غالب على المواطنين، وعلى رجال الأمن كذلك، وأن منفذى القانون ليسوا بعيدًا عنه.
وبعيدًا عن الحادثين، نحتاج مجددًا إلى ميثاق شرف لأفراد وضباط الشرطة، يختص بالتعامل الأمثل مع المواطنين بالقانون، بعيدًا عن الأساليب البائدة فى الاستعلاء والإهانات والتسلط، فمثل هذه الأساليب تراكم ردود الفعل حتى تصل إلى لحظة الانفجار التى لا يتوقعها أحد، ولا يقدر عليها أحد، فهل نعمل حتى نصل إلى نقطة انفجار المواطنين؟.. أتمنى أن يجيب مسؤولو وزارة الداخلية عن السؤال.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة