هناك من يمتلك وهناك من لا يحاول أن يمتلك مصادر قوة فى الحياة الحزبية بمصر خلال الفترة الحالية.. يمكن أن يكون المشهد عبثى أحيانا ويمكنه أن يتقمص شخصية الجاد فى بعض الأوقات، إلا أن المشهد برمته فى حاجة لتأمل وأمل فى إصلاح ما أفسده الماضى، وهذا إن كان المتواجدون بداخلهم إرادة حقيقية فى بناء حياة سياسية حقيقية فى إطار البحث عن "المصلحة" العامة وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
بالنظر إلى تفاصيل المشهد الانتخابى فى المرحلة الأولى وما أسفرت عنه "ضربة البداية" للمرحلة الثانية سنجد أن الشعار "اللى معاه فلوس.. يدووس واللى معهوش.. مايلزموش"، فهناك مرشح ينفق على الدعاية الانتخابية له فى أسبوعين أضعاف ما ينفقه منافسة، وهذا يظهر جليا فى الشوارع والميادين فى أى محافظة تجرى فيها انتخابات.
وهناك أيضا أحزاب أعلنت عن ميزانيتها وما أنفقته فى المرحلة الأولى لدعم مرشحيها، فقد أنفق حزب الوفد ما يقرب من 2 مليون و600 ألف جنيه وحصد 11 مقعدا، والمصريين الأحرار الذى حصد 36 مقعدا، ارجأ الإعلان عن ما أنفقه لما بعد الانتخابات، فيما أعلن رئيس حزب التجمع أن حزبه أنفق على مرشحيه الـ10 ما يقرب من 63 ألف جنيه، وبالطبع ضآلة المبلغ تجعل التوقع واقع بأن أكبر حزب يسارى لم يحصد أية مقاعد فى المرحلة الأولى.
هل سمعت عن برنامج أنتخابى لمرشح ما، لفت أنتباه احد سواء فى دائرته أو على المستوى العام فى مصر ؟!! للأسف الإجابة ستكون بنفى الأمر تماما، بل كان مصدر تباهى وتفاخر لدى بعض مرشحى المرحلة الأولى عدم وجود برنامج انتخابى من الأساس، حيث قال أحد المرشحين الفائزين فى المرحلة الأولى خلال جولته الدعائية أنه لو اراد أن يمتلك برنامج انتخابيا لدفع المال لعدد من أفضل أساتذة الجامعة لصياغته له، أو اشتراه جاهزا لكنه لا يبيع "الوهم".
السؤال ليس لمن يمتلك "الفلوس" فى الأحزاب ومن لا يحاول أن يمتلكها ويقف "عاجزا" عن إيجاد حلول لأزمته المالية مستقبلا، ليحفظ حقه فى الوجود بالساحة السياسية التى لن ترحم صغيرا لا يمتلك إلا "الكلام" وليس "الفعل".. لكن من يمتلك التأييد الشعبى الحقيقى الذى من خلاله سيكون "نوابه" صوتا لكل "غلبان" فقير وعاطل أو حتى غنى لا يجد من يرحمه من البيروقراطية القاتلة لكل أمل وطموح فى نفوس من يبحث عن "عمل"؟
وفى آخر الكلام.. المواطن ليس فى حاجة لكلام معسول عن المستقبل أو وعود زائفة لا تنفذ أبدا لكنه فى حاجة لنائب يمثله حق تمثيل ليأخذ بيده وينجوا به من ظروف حياتية صعبة تحملها المصرى "الجدع"، لذا هذا المواطن لا يستحق منا أن نخدعه ونسرق منه مستقبله الذى ينتظره وعلى أتم استعداد بأن يعمل كثيرا لكى يصل إلى ما تمناه يوما فى ثورة ليس هاما اسمها ومن كان قائدها ولكن الأهم أن يعيشها فى كل أموره بتغيير حقيقى نحو الأفضل.