ثلاث حقائق مهمة فى مسألة تصريحات السيسى عن الإخوان:
1 - لا يصح أن يتحدث أحد باسم، رئيس الجمهورية، سوى هو نفسه أو متحدثه الإعلامى، أى تطوع للحديث باسم الرئيس أو إيهام الناس بأن المذيع أو الصحفى ينقل للناس توجهات الرئيس لن نحصد من ورائه سوى الخراب.
2 - لا يوجد فى أى قاموس سياسى معنى يخبرنا بأن حديث رئيس الجمهورية حول أن الإخوان جزء من الشعب المصرى هو حديث عن مصالحة مقبلة مع الجماعة.
3 - لغة رئيس الجهورية سياسية ودبلوماسية مدروسة وتحكمها حسابات الواقع السياسى ومستقبل الدولة، وهى بكل تأكيد تختلف عن اللغة الهستيرية العجائبية الساذجة التى يستخدمها بعض المذيعين والسياسيين الراغبة فى المزايدة والنفاق، ولا يجوز أبدا أن يطلب أهل استديوهات النفاق والهستريا من الرئيس أن يتحدث بلغتهم، كلمات الرئيس لابد أن تكون أرقى من ترهاتهم الجاهلة.
العقلاء وغيرهم لا يحبون «مطبلاتية» ومنافقى الإعلام والسياسية، أو هكذا يجب أن يكون الوضع، فى الوقت نفسه نصحهم واجب ونقد ما يقدمون من مزايدات رخيصة فريضة شرعية، حاشا لله أن يكون حبا فيهم، ولكن لأن صوت طبلة المنافقين حينما يعلو يتحول إلى نشاز يصيب الدولة بصداع وارتباك، ويجرنا إلى معارك صغيرة وتافهة يهدر فيها وقت وطن يحتاج إلى كل ثانية لحل أزماته الهامة.
«مطبلاتية» الإعلام ومنافقو السياسة وهواة المزايدة، يأخذوننا بجهلهم من «نقرة» إلى «دحديرة»، يزرعون هم أفكارا غير مدروسة بذرتها الجهل والكره، لتحصد من خلفهم الدولة ألما ووجعا ووقتا مهدرا، يتقدمون الصفوف بحثا عن الشهرة بإيحاء كاذب عن قربهم من السلطة والحديث باسمهم، ويصرخون فى الجماهير مزايدين بفجرهم فى الخصومة مع الإخوان طمعا فى شهرة شعبية، وبطولات وهمية، حتى رسموا فى ذهن الشعب صورة تقول بأن الدولة ستلقى بالإخوان فى البحر وستحذفهم من جدول الحياة.. وتلك مشكلة.
الجهلاء فى الإعلام والسياسة خلقوا ذلك الإحساس فى نفوس الناس، لأن جهلهم فشل فى إسعافهم لإدراك أن مصر تعيش لعبة سياسية، والسياسة تقتضى من رئيس الجمهورية، وأى مسؤول فى الدولة أن يتحدث بلغتها ولغة السياسة ليس فى قاموسها أى حديث خاصة حينما يكون مع المجتمع الدولى كلاما عن دفن الإخوان وحذفهم من سجلات الوطن حتى ولو كانوا أعتى الخصوم وأشدهم، كما أن السياسية ستقتضى فى يوم ما ربنا يكون بعد شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين بأن يكون هناك لعبة تفاوضية بين الإخوان والدولة، الواقع يقول ذلك، والتاريخ يمتلئ بالكثير من القصص عن الجيوش التى كانت مدافعها تطلق النيران على طول خط المواجهة، بينما أهل السياسة على الموائد يبحثون عن حلول، ولا يوجد فى أى ذلك معنى دال على المصالحة، فما فى القلب يبقى فى القلب، ولكنه حال السياسة يا عزيزى تدفعك غصبا ورغبة فى تحقيق المصلحة العامة للجلوس مع الخصوم حتى لو كانت آخر رغباتك فى الدنيا أن تصاب بالعمى ولا تراه.
من هذا الإطار يمكنك أن تفهم الضجة التى صنعتها تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية، حول أن الإخوان جزء من الشعب المصرى، وبالنظر إلى مسألة مذيعين وسياسين الجهل والنفاق يمكنك أن تفهم لماذا خلقت هذه التصريحات كل هذه الضجة؟ ولماذا تعامل البعض معها على أنها تراجع أو تنازل أو تغير للغة الدولة لصالح الجماعة؟
أنت تعلم أن مذيعيين وكتابا وسياسيين بالاسم ملأوا أرضنا بجهلهم وهم يقرعون طبول نفاقهم عبر إعلاء نبرة شطب الإخوان من الحياة، وآن الأوان لتعلم أن تلك اللغة المستخدمة ساذجة، لدرجة أنها تصلح فقط لقضاء وقت ممتع داخل استديوهات أو ساحات سياسية هدفها الشهرة والمصالح الخاصة، ولكنها لا تصلح أبدا لأن تكون لغة دولة ولهذا ارتبك هؤلاء «المطبلاتية»، حينما استمعوا لتصريحات الرئيس عن الإخوان وأساواء تفسيرها وأخطأوا فى تقديرها مثلما فعل من قبل حينما تكلم عن الدستور.
تصريحات السيسى الذى أكد فيها، أن الإخوان جزء من الشعب المصرى ومصيرهم السياسى بيد الشعب المصرى كررها مرات كثيرة من قبل، ولكنهم لا يقرأون وإن قرأوا أو سمعوا لا يفهمون، وهذا النوع من التصريحات السياسى متوقع أن يصدر من رئيس الجمهورية وهو يخاطب العالم الخارجى، وفعلها الرئيس من قبل وكرر نفس التصريحات بصيغة مختلفة، أثناء لقائه مع ميركل فى زيارته الأخيرة لألمانيا.
المواقع التى نقلت تصريحات الرئيس خطأ، وترجمتها إلى عناوين غير دقيقة، والمذيعون والسياسيون الذين فهموا من هذه التصريحات أنها مصالحة ضحايا لهذا الخطاب الإعلامى الهستيرى الذى قاده بعض المجانين، ظنا منهم أنهم يخدمون الدولة بالحديث عن ضرورة حرق الإخوان وسحب جنسياتهم ومنعهم من ممارسة العمل السياسى للأبد، وهذا خطاب صالح للحشد والتعبئة المؤقتين فى لحظة تظاهر ومواجهة ولا يصح أبدا أن يكون منهجا، لأن الإخوان فى النهاية جزء من التركيبة المجتمعية قد يكون مغضوبا عليهم، غير مرغوب فيهم، خونة، إرهابيون، كل هذه أمور تستدعى عقابهم ومحاكمتهم وعزلهم، ولكن وفق قرار شعبى ومعايير لعبة سياسية تحددها الدولة والشعب، كما قال السيسى فى حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC وأى كلام آخر فهو لا ينفع الدولة، ولكنه يتناسب مع المستوى العقلى للسادة الإعلاميين والسياسين الذين أوهموا المصريين طوال الفترة الماضية بأنهم متحدثون باسم الدولة والدولة منهم براء أو هكذا يجب أن تعلن، وتؤكد قبل أن يقدموا لها المزيد مما يورطها فى معارك أخرى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
الصلح خير
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال
صلح
الصلح دة فى المشمش